– “نهش الجسد = كسب الرزق!”.
في الآونة الأخيرة، وجدنا أن كبسة زر واحدة قادرة على إشعال الرأي العام وتوجيهه ضدك، والدليل على ذلك هو احتضان السجون للكثير ممن تمكنوا من استخدام “السوشيال ميديا” بشكلٍ خاطئ، لهم وللكثير ممن تابعوهم، فأصبح الخطأ جريمة، ذنب لا يُغتفر؛ والسبب هو السعي وراء كسب المال فحسب، اليوم أصبح “الورق الأخضر” مجرد أداة تُحرك البشر، أن يصعد بهم إلى القمة أو يجرفهم نحو الهاوية، حيث لا مُنقذ ولا خلاص لهم، اليوم أصبحت “المادة” وإن كانت لا ترقى بأن تكون محتوى يُقدم هي المسيطرة على الساحة!، واستهداف العقول الصغيرة هو المقصد، فكيف وصل الحال إلى هذه الدرجة المتدنية من “التفاهة” المُتعمدة؟!
اليوم، أصبح معنى “الاتجار بالبشر” لا يحمل معنى واحد فقط؛ بل اتضح معناه الحقيقي في خِضم ما نعيشه من جرائم إلكترونية، اليوم أصبح “جسد المرأة” سلعة رخيصة الثمن، تُباع وتُشترى حسب العرض والطلب، دون أن نلتفت للقيم والمبادئ وأصول ديننا العظيم، أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي نافذة تطل على مستنقعات الدنيا، على بشر لا تأبه إلا أن تنتهك حُرمة هذا الجسد بكل الطرق غير المشروعة، بأي مبلغ وإن كانت “كنوز علي بابا”!، لا صوت يعلو فوق صوت “التعري”!؛ بل وأصبح وظيفة تدر عائد مادي “مضمون” لصاحبها، مصدر رزق لمن لم يجد قوت يومه!، والكثير من النماذج وقعت ضحية لهذا النهج الذي تشمئز له النفوس الطاهرة.
– من شاشة الشهرة إلى سجون العدالة!
” الاتجار بالبشر “.. كانت هي التهمة الرئيسية لفتيات أثرن غضب الرأي العام لما قدموه من “فيديوهات” لا يصح أن تُعرض على الشاشات؛ وذلك لما بها من إيحاءات وألفاظ وأفعال حادشة للحياء وهادمة للقيم والأخلاق، فيما عُرف إعلاميًا بقضية “فتيات تيك توك”، حيث قُضي عليهن باستكمال مسيرة الشهرة خلف القضبان!، وكذلك على ذويهم بأن يجنوا ثمار هذا العمل الذي بدأه الأبناء وهم تحت تأثير الشهرة والغنى واللامبالاة بنتائج الفعل المُشين!، فكانت نهاية المطاف: تشريد و حسرة وضياع مستقبل قبل أن يبدأ!
اليوم.. أصبح كسب المال عملية بسيطة، لا يحتاج لكدح وعناء، لا يحتاج أن تقضي يومك في مشقة وتعود مُنهكًا؛ فلا تجد أمامك خيار إلا بأن تُلقي بجسدك الذي تآكل من عذاب العمل طوال يومك، فقط من أجل كسب رزقك برأس مرفوع وجهد شريف، اليوم أصبح كسب المال “بفتح الكاميرات”!، لا تحتاج إلا “إنترنت سريع” و “شكل مغري” وأن تقول “سمعًا وطاعة يا أصحاب الأموال”!
وهو ما طالبت به إحداهن تحت مُسمى “شغل محترم”، فقد انتشر لها “فيديو” طالبت من خلاله الفتيات بالانضمام إلى “وكالة” تقوم بإدارتها، ولم تكتفِ بذلك؛ بل ووضعت بعض الشروط لهذا العمل، وسرعان ما فاح الخبر وذاع صيت هذا المقطع المصور حتى أصبح حديث المدينة الأول، تعالت أصوات الشعوب؛ مطالبة بالقبض عليها لكي لا تنجرف الفتيات وراء مسعاها، بما أسموه بــ “الدعارة المُقننة”، وهي أن تضيع مبادئك ومبادئ من علموكِ الشرف والعفة فقط من أجل “الدولارات”!، أن تُلقي بإنسانيتكِ في سلة المهملات وكأنها عفن لن تجدِ منها سوى الرائحة الكريهة الخانقة!
تبدأ الخطة بالتحريض، ولكنه تحريض خفي بنوايا مُضمرة، ترتدي قناع الطيبة والخوف على مستقبل من لا تحتكم على “قرش أبيض” يشد أزرها في يومها الأسود!، فالحرص على تأمين مستقبلهن في الأزمات الإقتصادية هي القشرة التي تظهر من هذه العصابة الإلكترونية، ولكن.. ما خفي كان أعظم!
تظهر المصيبة الكبرى حينما تقع ” الطوبة في المعطوبة “؛ فتبدأ محاولات التبرير الفاشلة الكاذبة في الظهور، تظهر النفوس على أصلها، فمن كانت تُقسم لكِ بأن عملكِ آمن ولن يُصيبكِ بأي ضرر، أصبحت هي المُتهم الأول وأنتِ الفريسة التي لا حول لها ولا قوة!، تُساق معها صاحبات النفوس الضعيفة؛ تحت تأثير سحر الثراء وضغط الفقر والذل، حتى لا ترى الحقائق وتدرك ضياع أمرها!
وهو ما حدث بالفعل وأكدته بعضهن في أول اعتراف أمام النيابة، وأن الغرض هو التوظيف و توفير فرص عمل لهن تحت ستار “المذيعات”، وذلك خلال إقامة صداقات مع الشباب ومنه الحصول على نفع مادي، مُبرره ذلك بأن “الكورونا” و “العزل المنزلي” لم يوفر العمل للكثيرات، وقابلن الاتهامات الموجهة لهن بأنها “كذب وتلفيق”.
وعلى غِرار “الفيديو” التي قامت فيه “ح.ح” -الطالبة بآخر سنوات دراستها- بدعوة الفتيات للمشاركة في وكالتها من أجل جني الأرباح مقابل عرض أنفسهن من المنزل ومن ثم كسب صداقات مع الشباب، وفي المقابل لم تنعم المذكورة برفاهية الأموال التي جنتها بعد تأدية عملها على أكمل وجه: استدراج الفتيات دون رحمة بحالهن الرث، حيث اقتصت منها عدالة السماء لتعود الحقوق لأصحابها، تمثلت أول صفعات العدل لها في الثأر من مشوارها الدراسي، حيث تمت احالتها إلى الشئون القانونية؛ وذلك لبدء التحقيق معها؛ لقيامها بسلوكيات تتنافى مع الآداب العامة، حتى أن الرؤية أصبحت واضحة كشمس النهار، حيث أن عقوبة من تسلك طريقها قد تصل إلى الفصل النهائي، فأي خراب هذا!، ومن يُمول تلك الوكالات للايقاع بفتياتنا ومن ثم تركهن في مهب الريح؟، حيث العار والضياع!
كان رد الفعل سريع من المتهمة الأولى أمام المجتمع، حيث خرجت بـ”فيديو جديد” ولكنه مختلف تمامًا عن سابقه؛ حيث أخذت تصرخ فيه غضبًا واحتجاجًا على الحكم الصادر ضدها، وأعربت عن استياءها الشديد من حبس طالبة جامعية وإلحاقها مع “تجار المخدرات” و”قتالين القُتله”!، ولكن هل هي مسرحية جديدة تلعب بطولتها بعد أن نالت وسام الفنانة الأكثر موهبة بين بنات جيلها في اتقان دور الطيبة والحنان، أم أنه الندم المُميت؟، وإن كان، فهل يُجدي الندم بعد فوات الآوان؟!
– تضارب آراء الشارع العربي:”يستحقوا”.. “حرام مستقبلهم ضاع!”.
ولكن هذه الأحكام قابلها الشارع العربي بين مؤيد ومعارض، فمنهم من استنكر الحكم على من في مثل أعمارهم بالحبس لهذه الفترة التي تستمر لسنوات؛ فيضيع مستقبلهن في السجون، لتخرج إحدى حاملات شعلة القانون برفض ما صدر تجاهها، مؤكدة أنه لا توجد أدلة تثبت التربح غير المشروع أو الاتجار بالبشر أو الدعارة: “الحكم قاسٍ للغاية”
والبعض الآخر أيد الحكم باعتباره “قرصة ودن” عادلة لمن تُسول له نفسه بهدم قيم المجتمع وأصوله العريقة.
ولكن مواقع التواصل الإجتماعي انتفضت غضبًا على من يرفض قرار المحكمة، حيث أعرب رواده بأنه لابد أن يتحمل الجميع نتيجة الجُرم الذي ارتكبته فتاة في عمر الزهور، وأن الحق هو أساس المجتمعات، وخصوصًا أن الفترة الأخيرة شهدت صراعات كبيرة على القيم والأخلاق، حروب على المبادئ والأصول، حيث انتشرت “الخلاعة” انتشارًا واسعًا؛ وأصبح التخوف الأكبر هو أن يسود هذا الفكر المبتذل بين فتياتنا العفيفات ويصبح هو منهج وأسلوب الحياة، وهو الخطر الحقيقي الذي يُهدد البيوت والأسر، فيلزم وجود رادع لكل من يسلك هذا الطريق مسلوب الوعي والإدراك والإرادة، دون الرأفة أو الشفقة بهم.
ومن هنا أمطرت التساؤلات في أذهان الشعوب العربية كافة:
– هل ينتهي هذا السيناريو الممل يومًا؟
– هل تُباد عناصر عصابة نشر الفسوق؟
– هل نعود كما كنا بلا حروب إلكترونية مُمنهجة؟
– ما مصير المرأة أمام حرب الشهرة والمال والطمع في مفاتنها؟
المؤسف أن تكون الشهرة هي المطمع الأول والأخير، نتيجة وسيلة لا تمت للأخلاق بأي صله!، أصبحت القمة هي الهدف التي يطمح إليها شبابنا دون التقيد بالأسس والقيم التي يجب أن يتحلوا بها أولًا حتى يتسنى لهم بأن يكونوا من أهلها، المُحزن أن الوضع يزداد سوءًا!، والكثير من المنصات أصبحت تسود “عالم السوشيال ميديا”، البوابة لدخول هذا العالم والإبحار فيه.
والحق أن الإبحار فيه هو غرق مؤكد!، ولكن قل من أدرك ذلك!
– تطبيقات الضياع تجتاح المجتمعات، والأنثى من تدفع الثمن!
على سبيل المثال لا الحصر: تطبيق “تيك توك”، وهو أحد التطبيقات الإلكترونية التي ظهرت في عالمنا مؤخرًا، في بداية الأمر كان مجرد منصة لعرض “الفيديوهات الفكاهية المضحكة”، وهو أمر لا ضير فيه، ولكن سرعان ما تبدل الحال وأصبح “حفرة” يقع بها شباب اليوم!، أصبح هو المسرح الذي يعتليه كل الأعمار، فقط من أجل الشهرة وجني الأرباح مما يقدمونه من “عبث” يتنافى مع الأخلاق وعنوانها هو الانحطاط!، والغريب أن محتواه وفي أقل من الـ 20 ثانية يمكنه حصد ملايين المشاهدات!
– ولكن برأيكِ.. ما هو محتوى الــ 20 ثانية؟
– وهل يُمكن لهذا الوقت البسيط أن يصبح هو حديث الساعة ويجعل صاحبته مُقيدة بين جدران السجون حتى يأكل الندم عمرها؟
وأما عن استغلال جسد الزوجة لأجل غنيمته الكبرى!، وعلى غِرار ذلك قد أوضح الخبراء والمتخصصين في العلاقات الأسرية بأن الجميع يسعى وراء الكسب المادى، حتى أن الوضع تطور فوصل إلى أن الزوج أصبح يعرض زوجته أمام الكاميرا بأبشع المشاهد والألفاظ، لتكون هي الأداة والضحية في آنٍ واحد!
-فأين “النخوة”؟!، أين “الدم الحامي”؟!، أين احترام حُرمة الجسد والعرض والشرف؟!، هل تحولت الزوجة إلى “عروسة ماريونيت” تحركها رغبة وتلهو بها شهوة المال؟!
– “تعالوا شوفوا مراتي”.. آخر “تقاليع” الإنحراف الإلكتروني!
ومن أهم القضايا التي شغلت المجتمع في الفترة الأخيرة هي قضية إحدى الفتيات التي نشرت “فيديوهات” تظهر فيها بأفعال غير لائقة وتهدف من وراءها إلى الربح وجني الأموال، حتى الآن الأمر مُعتاد في عصرنا الحالي “عصر الفساد التكنولوجي”، ولكن الثقافة الدخيلة على مجتمعاتنا هي أن تصطحب سيدة وتزعم بأنها زوجتك فقط لتصوير مشاهد مُنافية للآداب!، وهو ما حدث، فقد شارك معها أحد الأشخاص الذي أتقن دور الزوج في بداية الأمر، ولكن تبين بعد ذلك بأنه “صديقها” ويصغرها بـ 10 سنوات؛ حيث تم إلقاء القبض عليهما في إحدى الشقق المستأجرة، وذلك لتوجية تهمة التحريض على الفسق والإخلال بالآدب الإجتماعية؛ وعليه تم إحالتهما إلى النيابة العامة التي أمرت بحبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات.
وبمواجتهما اعترفا بتصوير تلك الفيديوهات وبثها على حسابها الشخصي على موقع “تيك توك” بهدف تكوين ثروة من نشر الفجور العلني، واقتسام الأرباح بينهما، ولكنها أنكرت التُهم المنسوبة إليها من التحريض على الفسق أو الإخلال بقيم المجتمع، والانكار جاء بعد أن أدركت حجم الكارثة التي تنتظرها، داخل السجون وبالعباءة البيضاء!
في التحقيقات أنها أم لطفلين ومنفصلة عن زوجها، وقد اشتهرت على مواقع التواصل الإجتماعي بحركاتها المثيرة للجدل، وبعدما توصلت النيابة العامة في مصر إلى 3 مقاطع فيديو جديدة كشفت تفاصيل جديدة للقضية قد أمرت النيابة العامة بتجديد حبسها و”صديقها”.
نعم.. أجدها ضحية وإن اقترفت ذنبًا كبيرًا، فبراءتها تطغى على دهاء المخططات التي ترمي إلى الاستثمار فيها، هي وغيرها من نماذج راحت ذبيحة لهم، حتى قرائتكِ لهذه الكلمات هن يصرخن من أجل تنسم الحرية من جديد، والجاني ينعم بالثمن!، فهل نتحد نحن النساء لكي لا نصبح لقمة سائغة في نظر أصحاب الضلال؟
– ثورة ضد الابتذال.
خدش الحياء العام ونشر الفسوق وانحدار العقول أصبح هو عنوان القرن 21، وسط ما يظهر يوميًا من تقنيات ومنصات كفيلة بأن تهدم البشرية دفعة واحدة بين ليلة وضحاها!، ولكن ما يثير الأمل أن التحرك ضد هذا الوضع أصبح كبيرًا وبوتيرة متسارعة، فقد تكاتفت العقول أخيرًا من أجل الانقضاض على وضع مُزري كهذا، تلاحمت الأصوات وتعالت للقضاء على هذا النماذج التي تقبض على فرائسها كل لحظة.
– ” الوعي.. بدلًا من النحيب!”.
إِذًا فــ “اليقظة” هي الحل، الوعي هو الدواء لكل ما يحاول جاهدًا أن يُلقي بنا إلى الهاوية ويُعيدنا إلى عصور الجاهلية التي انتهت منذ دهور، ولكننا عدنا إليها بكل سلاسة فقط بأننا مكنّا عدونا الأول منا، عدو الفكر والقيمة، عدو لن يهدأ له بالًا إلا بنهش ما تبقى من إدراكنا، يُلقي شباكه ويحكم قبضته على فريسته ثم يهرب وإن كشفنا أمره يتحجج بأننا من سلكنا دربه بصدر رحب!
دعوة لتحرير المرأة من قبضة الفساد، المخططات الخارجية التي جعلتها محط الأنظار، المرأة التي خلقها الله فكرمها لا تستحق أن تتخبط بين كل من تسول له نفسه بالتلذذ بها كيفما شاء، اليوم المرأة تنظر بعين الوعي لا السذاجة، فكوني حذرة عزيزتي من تطبيقات الهلاك التي تتخفى بالـ”فولورز” و”اللايكات”، هي مجرد حيلة خفية لاصطيادك، وما أن تحكم شِباكها عليكِ؛ حتى تُفتح لكِ أبواب الجحيم على الأرض: تشتت أسري، خراب نفسي وخسارة مستقبل وأيام مشرقة، فقد نضع معًا نهاية لكل “تجار” العرض والشرف، “مافيا الإنترنت” في كل مكان، فقط بالوعي والتلاحم أمام عاصفة الفتن.