شكّل التنوع عنوانا جيدا للموضة منذ سنوات
أمر رحبت به المرأة لأنها تجد فيه ما تطلبه أيا
كان أسلوبها أو ذوقها، كما كان وسيلة اتبعها المصممون لخلق طرق جديدة يحمون بها حقوقهم الإبداعية من
موجات التقليد التي اجتاحت عالم الموضة، وأصبح من الصعب عليهم صدها نظرا لسرعتها وإتقانها وجمالها،
فضلا عن أسعارها الزهيدة مقارنة بأسعارهم
فما إن تنتهي عروض الأزياء حتى تبدأ معامل المحلات الكبيرة تقليدها وطرحها بعد أسابيع قليلة، واضعين
المصممين في مأزق لا مفر منه
فهم عاجزون على مجاراة هذه السرعة، فضلا عن أن سوقهم تفرض أن تبقى بضائعهم مرهونة لستة أشهر قبل
أن ترى النور
بعد سنوات من الاستنكار والتذمر اعترفوا بالهزيمة، لكن كان لا بد من ابتكار طرق
جديدة لسد الطريق أمام هؤلاء والحد من حجم الخسارة
أفضل طريقة كانت برفع سقفهم باللجوء إلى تقنيات عالية وحرفية يدوية جد متقنة، قد تستغرق وقتا
لتنفيذها، لكنها تثمر نتائج تأتي في صالحهم على المدى البعيد، لأنها تكون متميزة، فريدة ولا غبار
عليها
ومن هنا أسهبوا في كل ما له علاقة بالتطريز والنقوشات الديجيتال التي يستعرضون فيها قدراتهم
وعند ذكر التطريز، فهو لا يقتصر على الخرز والترتر أو حتى أحجار شواروفكسي، بل يشمل مواد جديدة
كانت حتى عهد قريب لا تخطر على بال، أو على الأقل لا تخطر على البال عند ذكر أسماء مشهورة مثل
«ديور»، «مارني» وأمثالهما
في البداية، يبدو الهدف منها زيادة البريق، لكن بالاقتراب منها
يتأكد أنه أيضا استعراض الحرفية الفنية
في عرض «ديور»، ظهرت على شكل مربعات كبيرة تلمع بشتى الألوان مرة على الصدر، ومرة على الخصر لكي
تغني عن أي حزام، ومرة على حواشي تنورة، سواء كان القماش من الجلد الناعم أو الحرير
وفي عرض «ميوميو» أيضا ظهرت على شكل قطع نحاس، وزجاج وأخشاب وأحجار في الكثير من القطع
بل
حتى «بوتيغا فينيتا» المعروفة بهدوئها وابتعادها عن التفاصيل الكثيرة، غيرت دفتها هذا الموسم، وقدمت
فستانا من الحرير باللون الأحمر بنقوشات إثنية قوية مطرزة بأحجار بالأبيض والأسود ومربعات من
البلاستيك والـ«بيرسبيكس»
بدورها، اعتمدت «بيربيري» في خطها الراقي «بيربيري برورسم» هذا الاتجاه في عدة معاطف، في دلالة واضحة
على أن الموضة الحالية تحتفي بالحرفية اليدوية بكل أشكالها
وكل دار وظفتها بأسلوبها لتضفي على
أزيائها الخصوصية والتفرد وتمنح التنوع
ولا شك في أن استراتيجيتهم المضادة لهجمة محلات الموضة على إبداعهم الفكري يعجز الصانع العادي على
استنساخها بنفس المستوى، مما أكد أن سياستهم التعجيزية أتت بثمارها
من السهل جدا التفريق
بين الجيد والمتقن منها والرخيص المقلد
فاليد الحرفية التي تنفذ هذه التطريزات لها خبرة عالية كما أنها تستغرق وقتا، الأمر الذي يتنافى مع
الفلسفة التي تحرك شوارع الموضة، والتي تجري وراء السهل والسريع
هذا لا يعني أنها لن تقلد،
لكنها حتما لن تكون بنفس المستوى أو الشكل تماما
حتى النقوشات باتت تختلف، فكلما أتقنتها المحلات الشعبية اجتهد المصممون في إيجاد تقنيات جديدة تميزهم
وتحافظ على زبوناتهم
في الكثير من الأحيان، تتم هذه الطبعات والرسومات على الأقمشة باليد أو
بتقنيات عالية يصعب على أي أحد تقليدها بشكل جيد، مثل فساتين المصمم مارك فاست الصوفية التي
صممها بشكل تبدو معها وكأنها ثلاثية الأبعاد، وإن كان هدفه الأول خلق خدعة بصرية تمنح المرأة رشاقة
أكثر منه تعجيزيا، ويبدو أنه ليس الوحيد في هذا التوجه
فما توصل إليه بعض المصممين، خصوصا في لندن، عاصمة الابتكار، أن النقوشات يمكن أن يكون لها دور فني
يمنح الجسم طولا ورشاقة في الوقت ذاته، كما يكون حماية لحقوقهم الإبداعية وماركتهم المسجلة
الدليل أنه لا يمكن عدم التعرف على أسلوب ماري كاترانزو أو نقوشات الثنائي «بيتر بيلوتو» أو
«إيرديم» من النظرة الأولى