التعرف على المرض أو الداء قبل الحمل أو الزواج سيمكن في حالات كثيرة معالجته أو تجنب عواقبه ومضاعفاته أو على الأقل سيكون الزوجان على علم بتبعاته وأخطاره.
كما أن لقاء راغبي الزواج أو الحمل بالطبيب يكون فرصة للإجابة عن كافة استفساراتهم وإعطائهم النصح والإرشادات المناسبة بناء على التاريخ المرضي والعائلي لكل منهم ، كذلك إعطاء النصح عن الفهم الصحيح لطبيعة الدورة الشهرية ووقت حدوث الحمل وكذلك تنظيم الأسرة للراغبين في ذلك.
ودواعي الفحوصات والاستشارات كثيرة نوجز منها فيما يلي:
تقدم سن الزوجة لأكثر من 35 سنة عند الحمل تصحبه زيادة نسبة تسمم الحمل ووفيات الأطفال وزيادة نسبة الولادات القيصرية وكذلك نسبة الأطفال المولودين بخلل بالكوروموسومات مقارنة بمن هن في سن العشرين.
أمراض طبية للأم مثل السكري حيث يجب الوصول إلى معدل طبيعي للسكر في الدم قبل الحمل وإلا ازدادت نسبة حدوث تشوهات الجنين ، كما أن بعض حالات مرض القلب يجب أن تكون مستقرة تماما قبل حدوث الحمل ، وفي بعضها قد لا ننصح بالحمل على الإطلاق حيث يهدد حياة الأم.
وفي أمراض أخرى مثل زيادة إفراز الغدة الدرقية أو الصرع أو مع استعمال أدوية ضد تخثر الدم فيجب الوصول إلى نوعية العلاج الملائم للحمل حيث إن بعض هذه الأدوية تلحق ضررا شديدا بالجنين.
كما أن أمراض فقر الدم المنجلي و التلاسيميا قد تورث للجنين في صورتها الشديدة إذا كان كلا الزوجين مصابا بالمرض نفسه أو حاملا له.
من المهم التأكد من عامل روسوس (فصائل الدم السالبة) عند الزوجة والتي قد تحتاج إلى علاج ومتابعة معينة أثناء الحمل وبعد الولادة.
بعض أمراض جهاز المناعة أو الإصابة ببعض الفيروسات أو أمراض الجهاز التناسلي للزوجين.
إعطاء بعض النصائح التي تتعلق بالنظام الغذائي وخصوصا لمن يمارسن الرياضة بشكل عنيف أو من يتبعن حمية غذائية شديدة أو الملتزمات بالغذاء النباتي ، كما ننصح بإعطاء حمض الفوليك قبل الحمل حيث يقلل من نسبة تشوهات الأنبوب العصبي للجنين ، والإقلاع عن التدخين والإقلال من تناول القهوة لما لها من آثار سيئة على الإخصاب ونمو الجنين.
تقييم التاريخ العائلي لزوجي المستقبل من وجود بعض الأمراض أو التشوهات الخلقية والوراثية التي قد تنتقل إلى أطفالهم مثل فقر الدم المنجلي، والتلاسيميا، وضمور العضلات و الهيموفيليا وكذلك بعض تشوهات القلب والأنبوب العصبي والشفة الأرنبية والسكري والصرع.
وفي كثير من الحالات يمكن اكتشاف المرض من تحاليل الزوجين أو مبكرا أثناء الحمل بالحصول على عينة من خلايا المشيمة أو السائل المحيط بالجنين أو باستخدام الموجات فوق الصوتية، وفي أحيان أخرى لا يتم اكتشاف العيب إلا متأخرا.
ما أهم الفحوصات التي تجرى للعروسين؟!
أهم الفحوصات التي تجرى للعروسين هي:
صورة دم لتشخيص أمراض فقر الدم مع تحديد نوع الهيموجلوبين في بعض الحالات للتعرف على فقر الدم المنجلي أو التلاسيميا.
التعرف على كمية الأجسام المضادة للحصبة الألمانية مع إعطاء التطعيم قبل الحمل في حالة عدم وجود مناعة.
الكشف عن التهاب الكبد بالفيروس (ب) والنصح بإعطاء اللقاح في حالة عدم وجود مناعة.
الكشف عن مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في بعض الحالات وبإقرار من طالب الفحص.
الكشف عن بعض الأمراض الجنسية مثل الزهري و السيلان في حالات مختارة.
فحص خلايا عنق الرحم لمن سبق لهن الزواج أو المتزوجات.
فحص الثدي مع عمل أشعة لحالات مختارة.
فحص اختياري لمرض السل.
فحص انتقائي لطفيل التوكسوبلازما.
فحص لحالات مختارة للكشف عن فيروسات الهربس والسيتوميجالوفيروس والفاريسيللا.
فحوص للكروموسومات عند الضرورة.
فحص للسائل المنوي للزوج وعمل مزرعة إذا وجد ما يستدعي ذلك.
فحص بعض الهرمونات إذا وجد ما يستدعي.
في حالة اكتشاف خلل وراثي في أحد العروسين هل يتم مكاشفتهما بالسر؟ أم تتم مكاشفة أحدهما فقط حرصا على شعور الطرف الآخر؟
في رأيي ربما أن الهدف من إجراء الفحوصات والحصول على الاستشارة هو تجنب أخطار أو تبعات قد تحدث للجنين أو تؤثر في قدرة أحد الزوجين على الإنجاب ، وحيث إن الزواج يجب أن يبنى على صراحة وثقة من الطرفين وأن بعض التحاليل تجرى بموافقة وإقرار مسبق لذلك أرى أنه من الواجب شرح الأمر للطرفين عند حضورهم مجتمعين أما إذا أراد كل طرف منهما أن يحضر على حدة ورغب في أن يحتفظ بنتائج تحاليله بنفسه وعدم إطلاع الطرف الآخر عليها فلا أعتقد أنني يجب إفشاء أسراره وذلك لا يمنع أن أعلمه بتبعات تلك الفحوصات وعما إذا كان هناك خطر أو مانع من إتمام هذا الزواج.
في حال اكتشاف خلل وراثي عند كلا الزوجين هل ينصح الطبيب بعدم إتمام الزواج أم يترك الموضوع لله المتدبر في كل أمر؟
يقول الله عز وجل: «وفي أنفسكم أفلا تبصرون» صدق الله العظيم ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: اختاروا لنطفكم.. والقاعدة الشرعية أنه لا ضرر ولا ضرار، وحيث إن العلم الذي بين أيدينا هو بعض مما علمنا الله إياه فيجب توظيفه بما يحقق رخاء الإنسان ، وقد ثبت أن بعض الأمراض الوراثية مثل مرض فقر الدم المنجلي ـ على سبيل المثال ـ وهو صفة متنحية فإذا كان أحد الزوجين مصابا والآخر حامل للمرض فإن خمسين في المائة من الأطفال يكونون مصابين بالمرض والنصف الآخر حاملين للمرض، أما إذا كان الطرف الآخر أيضا مصابا بالمرض فجميع الأطفال يولدون مصابين بالمرض، فيجب علينا كأطباء أن نحيط الطرفين علما بخطورة هذا المرض واحتمالات انتقاله للأطفال وفرص التشخيص المبكر له والعلاج إذا وجد مع طرح الخيارات المتعددة والنصيحة الطبية بناء على المعلومات الموجودة بين أيدينا ، ثم عليهما أن يقررا استمرارهما في الزواج مع ما يحمله ذلك من أخطار على صحة أطفالهما أو أن يجد كل منهما طريقه مع شريك آخر قد لا يحمل المرض نفسه.
وهناك بعض الحالات النادرة التي قد تبدو الزوجة في صورة أنثوية كاملة بل في الواقع رائعة الجمال مع عدم نزول الدورة الشهرية وقد يثبت فحص الكروموسومات (الصبغيات) أن التركيب الكروموسومي لها في الواقع ذكر ولكن لعدم قدرة المستقبلات الموجودة في الخلايا على الاستجابة للهرمون الذكري فتنشأ كأنثى ولكن من دون مبيضين ولا رحم وتكون الخصية موجودة بداخل البطن ، وفي هذه الحالة يجب استئصال الخصية لتحولها في نسبة الربع تقريبا إلى أورام سرطانية ثم يجب إعطاء هرمونات تعويضية وليس لهذه الأنثى شكلا والذكر موضوعا قدرة على الإنجاب ، والمتعارف عليه طبيا أنه يجب أن تعيش كأنثى حيث إنها مؤهلة لذلك تماما نفسيا وجسديا ولا ذنب لها على الإطلاق فيما هي عليه.
ويمثل إخبار الزوجين تحديا كبيرا للطبيب.. ناهيك عن أصحاب المشكلة.
المصدر: مجلة كلينيك
أ.د. عصام إبراهيم صقر
استشاري أمراض النساء والتوليد والحمل عالي الخطورة
مستشفى السلام