تعتبر البدانة من أكثر أمراض التغذية انتشارا حول العالم، إذ تشير الدراسات الأميركية إلى أن نسبة تتراوح ما بين 21 في المائة وحتى 24 في المائة من الأطفال والبالغين الأميركيين يعانون من البدانة، التي تعتبر من عوامل الخطورة، لأن البدانة تمهد للتعرض لمقاومة الإنسولين، وبالتالي الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة الدهون (Hyperlipidemia)، والإصابة بأمراض الكبد والكلى، وكذلك يمهد للتعرض للبدانة في الكبر والتعرض لأمراض القلب.
لا يوجد تعريف علمي محدد يحظى بإجماع عالمي، للبدانة عند الأطفال، حيث إن العلاقة التي تربط بين مؤشر كتلة الجسم (BMI) وخطر الإصابة بالأمراض الحادة والطويلة المدى أقل شيوعا بالنسبة للأطفال والمراهقين.
ولكن يمكن الاتفاق على بعض التعريفات مثل الزيادة في الوزن والبدانة المفرطة، إذا تعدت نسب مؤشر كتلة الجسم النسب المتوقعة لها بنحو 20 في المائة و50 في المائة و80 في المائة على الترتيب.
والمعروف أن مؤشر كتلة الجسم يتم احتسابه بحساب الوزن بالكيلوغرامات، مقسوما على الطول بالمتر المربع. غير أن مؤشر كتلة الجسم لا يمكن حسابه بالنسبة للأطفال أقل من عمر 3 سنوات، حيث إن الطول متغير باستمرار وكذلك الوزن.
وقد أجريت دراسة على 902 من الأطفال من طلبة المدارس الأميركية من الفئة العمرية من 5 وحتى 16 سنة على مدى عام كامل، بينت العلاقة الوثيقة بين زيادة الوزن وانخفاض الأداء في وظائف القلب والجهاز التنفسي.
أسباب البدانة
تحدث البدانة في الأطفال والمراهقين حين تتجمع الدهون الناتجة عن الزيادة في كمية السعرات اللازمة لإمداد الطاقة عن النشاط المطلوب لتلك الطاقة، التي تسهم في تكوينها الحياة الحديثة، إذ إن الأطفال والمراهقين يقضون أوقاتا أطول في مشاهدة التلفزيون.
وتشير الدراسات إلى أن الأطفال يقضون نحو 3 ساعات يوميا أمام شاشات التلفزيون والكومبيوتر، مما يقلل النشاط البدني وكذلك يشجع على تناول الأكل أثناء المشاهدة، وكذلك تناول الأطعمة التي تحتوي على كمية كبيرة من الدهون والسكريات، وخاصة الوجبات السريعة، والتي لا تحتوي على القدر ذاته من البروتين والفيتامينات.
وهناك نسبة ما يقرب من 10 في المائة من أسباب البدانة ناتجة عن خلل هرموني يربط بين الجهاز الهضمي والجزء المتحكم في الشهية بالدماغ، ويؤدي لزيادة الشهية، وبالتالي زيادة الإقبال على الأكل dysfunction in the gut – brain – hypothalamic axis.
وهو ما يشير إلى احتمالية ارتباط البدانة بالجينات بشكل وراثي، حيث يوجد تاريخ عائلي للبدانة في بعض الأحيان. وكذلك يوجد بعض الأدوية التي تسبب البدانة، وأهمها هو الكورتيزون، وكذلك بعض الأمراض الهرمونية مثل نقص نشاط الغدة الدرقية.
مخاطر البدانة
ويؤدي تراكم الدهون، خاصة في الكبد، إلى ضعف الاستجابة للإنسولين في أنسجة الكبد. وبالتالي تحدث مقاومة للإنسولين قد تحث مرض البول السكري، وكذلك زيادة الدهون الثلاثية في الجسم وقلة الدهون عالية الكثافة (HDL) مما يمهد للإصابة بارتفاع في ضغط الدم وأمراض القلب في المستقبل.
وبالإضافة إلى ما سبق، فهناك الكثير من المضاعفات مثل الكبد الدهني والتهاب البنكرياس وتكوين حصوات بالمرارة وصعوبة في التنفس وكذلك تقوس الساقين في الأطفال الصغار، فضلا عن الأثر النفسي السيئ للبدانة وخاصة الأطفال، حيث يواجه الطفل أو المراهق البدين سخرية المحيطين به سواء بالمدرسة أو بالنادي.
وبالنسبة لمعدل النمو، فهو لا يختلف كثيرا في الأطفال الذين يعانون من البدانة نتيجة للتغذية أو لسبب وراثي، لكن يقل معدل النمو بالنسبة لهؤلاء الذين يعانون من البدانة نتيجة لخلل هرموني أو مرض جيني.
أعراض البدانة
وقد يكون ظهور الزيادة الواضحة في الوزن بالنسبة للطول أبرز أعراض البدانة، غير أنه بجانب الوزن الزائد كذلك يمكن وجود أعراض المضاعفات، مثل كثرة التبول أو العطش كما في مرض السكري، والتعرض لصداع في حالة ارتفاع ضغط الدم، أو جفاف الجلد والإمساك كما في حالة نقص نشاط الغدة الدرقية، أو عدم نمو الأعضاء الجنسية بالشكل الكامل في مرحلة البلوغ في بعض الأمراض الهرمونية.
علاج البدانة
وبالنسبة للبدانة الناتجة عن سوء التغذية، يعتبر الدعم النفسي من الأسرة وعدم النقد أو السخرية من وزن الطفل وإدراك حالته النفسية من أهم العوامل. ويجب حث الطفل على ممارسة الرياضة وبذل نشاط بدني أكبر وعدم التركيز الدائم على محاولة إنقاص الوزن، وكذلك تغيير العادات الغذائية والاجتماعية للعائلة كلها، والأخذ في الاعتبار أن كل طفل بدين لن يصبح بالضرورة رجلا بدينا.
ويفضل أن يمارس جميع أفراد الأسرة الرياضة لتشجيع الطفل على ممارستها، ويجب الإقلال من الأغذية التي تحتوي على دهون أو سكريات زائدة، واستبدالها بالخضراوات والفاكهة، وكذلك عدم استخدام الحلوى أو الشوكولاته كمحفز أو مكافأة.
وبالنسبة للبدانة الناتجة بسبب مرض آخر أو دواء أو خلل هرموني، فيجب علاج السبب الرئيسي المسبب للبدانة.
وتوجد بعض الأدوية المثبطة للشهية، التي تستعمل بالنسبة للبالغين. ولكن لا ينصح باستخدامها بالنسبة للأطفال نظرا لآثارها الجانبية، مثل عقار (SIBUTRAMINE) الذي تم سحبه من الأسواق الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، حيث أشارت دراسات إلى أنه يمكن أن يتسبب في جلطة بالقلب وكذلك جلطة الدماغ.
وتجدر الإشارة إلى أن العقار الوحيد الذي يحظى بموافقة وكالة الغذاء والدواء (FDA) لإنقاص الوزن هو عقار الأورليستات (ORLISTAT)، ويستخدم للبالغين. وقد أجريت بعض التجارب على استخدامه بالنسبة للمراهقين، ولكن نتائجها لم تكن مشجعة قياسا بأعراضه الجانبية.