حذرت دراسة حديثة نشرت في مجلة الصحة البيئية Environmental health خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2010، من التأثيرات السلبية للمبالغة في استخدام المنتجات الاستهلاكية المنزلية المطهرة، والمقاومة للجراثيم، وذلك لاحتواء تلك المنتجات على مواد تتشابه أو تتنافس مع عمل الهرمونات في الجسم، إضافة إلى إحداثها اضطرابات أخرى في حيوانات التجارب تشمل الإصابة بالسرطان والاضطرابات المتعلقة بالخصوبة وتشوهات الأجنة.
محتويات خطرة تشير الدراسة، التي أجراها باحثون في قسم الصحة العامة بجامعة ميتشغان الأميركية، إلى احتواء منتجات من قبيل الصابون المقاوم للجراثيم Anti-Microbial Soaps والمناديل المبللة المطهرة Wipes وغسول الجسم المطهر Anti-Septic Body Lotions، على مواد (ترايكلوسان Triclosan) و(بسفينول إيه Bisphenol A) المصنفة ضمن السموم البيئية المسببة للاضطرابات الهرمونية «Endocrine Disrupting Compounds EDCs».
وأكدت الدراسة أن صغار السن الذين يتعرضون لمادة «ترايكلوسان» يكونون أكثر عرضة للإصابة بالحساسية، بينما يصاب البالغون الذين يتعرضون لمادة «بسفينول»، المستخدمة في تبطين عبوات المعلبات الغذائية Food Cans باضطرابات في عمل الجهاز المناعي.
وقام الباحثون بتحليل قاعدة المعلومات الخاصة بالمشروع القومي للصحة والتغذية التابع لجامعة ميتشغان خلال الفترة من عام 2003 إلى 2006، والخاصة بحالات الحساسية أو حمى الشرى (القش) Hay Fever بين البالغين والأطفال فوق سن الخامسة، التي تشتمل على قياس مستويات البول لمادة «بسفينول إيه Bisphenol A» ومادة «ترايكلوسان Triclosan» بالإضافة إلى قياس مستويات الأجسام المضادة لفيروس «سايتوميغالو CMV» بالدم.
سموم بيئية واعتبر الباحثون أن تشخيص الحساسية أو حمى الشرى وقياس مستويات الأجسام المضادة لفيروس سايتوميغالو CMV بالدم لها دلالات منفصلة تشير إلى التغيرات المناعية بالجسم، واستطاعوا من خلال تحليل قاعدة البيانات التوصل إلى النتائج التالية:
أن مادتي «بسفينول» و«ترايكلوسان» سموم بيئية تؤثر سلبا على صحة الإنسان بجرعات أقل كثيرا مما كان يعتقد سابقا.
الاعتقاد الخاطئ لدى الكثيرين بضرورة العيش في بيئة نظيفة خالية تماما من الجراثيم، والمغالاة في استخدام المنتجات المقاومة للجراثيم، أمر غير صحي؛ حيث إن تعرض الجسم للجراثيم من شأنه المساعدة على نمو وتطور الجهاز المناعي اللازم لمقاومة العدوى بتلك الجراثيم.
الأشخاص فوق سن الـ18، ممن لديهم قياسات مرتفعة من مادة «بسفينول BSA» في البول، يكون لديهم أيضا ارتفاع في مستويات الأجسام المضادة لفيروس سايتوميغالو CMV بالدم، الأمر الذي يشير إلى عدم كفاءة جهازهم المناعي.
الأشخاص أقل من سن الـ18، ممن لديهم مستويات مرتفعة من مادة «ترايكلوسان Triclosan»، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالحساسية وحمى الشرى.
تعرض الأطفال لمادة «ترايكلوسان»، الموجودة في بعض المنتجات مثل الصابون المقاوم للجراثيم، من شأنه إضعاف تطور ونمو الجهاز المناعي المقاوم للعدوى الجرثومية في المستقبل، ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالحساسية وحمى الشرى.
الصابون العادي والمقاوم للجراثيم عام 2007 نشر تقرير مرجعي في المجلة الإكلينيكية للأمراض المعدية Journal of clinical infectious diseases تحت عنوان «الصابون المنزلي المقاوم للجراثيم.. فعال أم مجرد خطورة على الصحة؟». واشتمل التقرير على تحليل نتائج 27 دراسة أجريت خلال الفترة من 1980 إلى 2006، أكدت أن الصابون العادي (دارج الاستعمال) يماثل في تأثيراته الصابون المقاوم للجراثيم والمضاد للبكتيريا، بل ويتفوق عليه في كونه خاليا من المخاطر الصحية السلبية. وأشار الباحثون إلى الحقائق التالية:
المبالغة في استخدام الصابون المقاوم للبكتيريا والجراثيم تقلل من فعالية المضادات الحيوية المستخدمة لعلاج العدوى الجرثومية.
فعالية استخدام الصابون المقاوم للجراثيم لا تزيد على فعالية غسيل الأيدي باستخدام الصابون العادي.
أكدت الاختبارات المعملية أن بعض أنواع بكتيريا «إي كولاي E-Coli» تستطيع العيش والتكاثر في وجود التركيزات المنخفضة من مادة «ترايكلوسان» المستخدمة في المنتجات المنزلية المطهرة، مثل الصابون المقاوم للجراثيم.
تركيز مادة «ترايكلوسان» المستخدمة في المطهرات المستخدمة للأغراض الطبية في المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية يكون أكثر فعالية في مقاومة الجراثيم من المنتجات المنزلية الاستهلاكية.
مادة «ترايكلوسان» تستهدف مسارات كيميائية في الخلايا البكتيرية مع الإبقاء على جدران الخلايا، الأمر الذي يؤدي إلى نشوء طفرات جينية تجعل البكتيريا أكثر مقاومة للمضادات الحيوية والمطهرات.
ضرورة وضع قواعد وضوابط مهمة لتقييم التأثيرات المضادة للبكتيريا والجراثيم للمنتجات المنزلية المطهرة مثل الصابون المقاوم للجراثيم.
لذلك، انتقد الباحثون سياسات الإعلانات التجارية التي تملأ الدنيا صياحا بضرورة التخلص من الجراثيم، والمبالغة في استخدام المطهرات والمنظفات المنزلية، خاصة أن التركيزات المنخفضة من مادة «ترايكلوسان» المستخدمة في تلك المنتجات الاستهلاكية لم تعتمد بواسطة منظمة الغذاء والأدوية الأميركية FDA.