قلم فاطمة الكحلوت
يُعد الاهتمام بالطفل أحد أهم المراحل المهمة في عملية تطوير وبناء المجتمع لأن أي عملية تطوير تبدأ من مرحلة التأسيس وهي التي تركز على بناء الفرد المعاصر الذي يكون قادرا على فهم مستجدات العصر ومواكبة التطور وتجاوز كافة العقبات مع القدرة على الاستفادة من التطور وترسيخه من أجل انجاز المهام والابداع في كافة المجالات التي تحقق تطور وازدهار الدولة.
لذلك إن إعطاء المزيد من الاهتمام بفئة الأطفال تجعلنا نضمن جيل المستقبل الذي يحمل القيم والأسس والمبادئ التي غرست فيه ، وحتى نضمن وضعهم على الطريق الصحيح لا بد من تأمين لهم حياة كريمة تضمن التحاقهم بالمدارس والحصول على جودة عالية من التعليم ، ولكن هنالك مشكلات تمنع التحاق الأطفال بالمدارس ومن هذه المشكلات هي ظاهرة عمالة الأطفال والتي تسببت بمنع وصول التعليم للأطفال .
فما هي أسباب عمالة الأطفال ؟!
إن مكان الطفل الأساسي هو مقعده الدراسي الذي يُؤمن له بيئة آمنة يستطيع من خلالها أن يكون فردا صالحا في المجتمع يعرف حقوقه وواجباته تجاه مجتمعه وقادرا على حمل رسالة البناء والتطور ويؤمن بقدرته على أن يكون مُنتجا يستطيع أن يعود بالفائدة على نفسه وعلى مجتمعه ، ولكن ظهور ما يُعرف بعمالة الأطفال والتي تعني التحاق الطفل بالعمل بسن مبكر على حساب تركه لمقعده الدراسي وذلك لأسباب كثيرة منها الفقر رغم أن المبلغ المادي قليل جدا مقارنة مع الجهد الجسدي والنفسي الذي يقوم به من أجل المال.
وذلك لأن مكان الطفل هو مقعده الدراسي ووجوده في مكان آخر هو بمثابة ألم نفسي له كما أن الجهد الجسدي الذي يقوم به يفوق عمره مما يسبب له أمراض جسدية فهنالك أطفال يعملون في أماكن خطرة عليهم كالتجول بين السيارات لبيع البضائع أو مسح الزجاجات والتي قد تعرضهم للحوادث أو قد يعملون في كراجات السيارات والتي يقومون بحمل أشياء أثقل من قدرتهم الجسدية ، كما أنهم عرضة للاعتداء الجنسي والتعرف على رفقاء السوء والتدخين وتعاطي المخدرات والتي يصبح بعدها عائل على المجتمع يتسبب بأضرار كبيرة في حق نفسه وعائلته ومجتمعه وهنا يعود السبب الأساسي لعمالة الأطفال وهو الفقر فالأسر الفقيرة تجد أنه من الصعب تقديم المستلزمات الأساسية لأطفالها من لوازم مدرسية ومصروف ومواصلات كما أن عمالة ربّ الأسرة تتسبب في عمالة الأطفال فيتركون مقاعدهم الدراسية من أجل مساعدتهم أهلهم في المصاريف المنزلية .
ما الحلول للحد من ظاهرة عمالة الأطفال ؟!
يبدأ الأمر من خلال تحديد نسبة العائلات الفقيرة ومحاولة توفير فرص العمل لهم وذلك لجعلهم قادرين على تأمين حياة كريمة لأطفالهم ، كما يمكن تقديم الدعم للأطفال الفقراء من خلال توفير المستلزمات المدرسية لهم وذلك لأنهم صُناع المستقبل فيتم التعامل معهم على هذا المبدأ ، كما يمكن نشر الوعي عن عمالة الأطفال في مواقع التواصل الاجتماعي وعبر محطات التلفاز والراديو للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص من أجل تقديم الإرشادات اللازمة لهم في كيفية تربية الأبناء والتأكيد على أهمية التعليم وحمايتهم من العمل الذي يحرمهم المستقبل والحياة الآمنة والكريمة، كما يمكن تفعيل القرارات بشأن إيقاف عمالة الأطفال ووضع الحد الكافي لردع هذه الظاهرة من خلال المراقبة والتعليم الإجباري للأطفال.
*كاتبة وباحثة اجتماعية-الأردن