بقلم : فاطمة الكحلوت
كاتبة وباحثة اجتماعية
لم يعد بإستطاعتي أن أكتب إليك مجدداً فالحروف والكلمات أصبحت هزيلة من دونك ، كل شئ لا يطاق في غيابك ، وكأن كل شئ متوقف عند آخر لحظة كنت متواجداً فيها ، كيف يمكن للوداع أن يكون قاسياً إلى هذا الحد .. للحد الذي يشعرني بأن كل شئ بدون نكهة ولون ، لم أكن أعلم بأنك ثابت في قلبي ولم أشعر بمدى تعلقي بك إلا حينما رحلت ، وكأنني للتو أفهم مشاعر الفراق وأعيشها بتلك الغصة والحسرة كأننا نهرب للنوم على أمل أن يكون كل ذلك حلم وكأننا نرفض فكرة الغياب ونرفضها كرفضنا التخلي عن ذاتنا ، كأننا نحاول أن نكمل الحكاية بخيالنا أن لا نستسلم لفكرة الخسارة وأن لا نعيش لوعة الفراق ..
قرأت بإحدى الكتب بأن الذين نحبهم لا نودعهم لإن الوداع خُلقَ للغرباء ، هذه هي الحقيقة التي أصبحت أؤمن بها لإنني حقاً لم أشعر يوماً بأنني ودعت أحد فهم ما زالوا في الذاكرة ، وما زلت أتذكر كلماتهم ومواقفهم وأتخيل وجودهم في أوقاتي السعيدة والحزينة .. لذلك عاهدت نفسي أن تبقى في كلماتي وأن لا تفارق قلبي وأن تبقى حياً بين سطوره ..
وما زلت أؤمن بأنه لا بد أن يكون أحدهم ثابت في القلب ، لا تبعده المسافات ولا الظروف متواجد رغم كل الحواجز ، يشعل الضوء في القلب حين ينطفئ ويَشُدُ على أيدينا حين لا نجد أحد ، يطمئن علينا ولو من بعيد ، ويشعر بنا رغم قلة اللقاء وبُعد المسافات يُعلمنا الكثير من الأشياء التي تساعدنا على تجاوز أي محنة وأي ألم ، بمجرد ما نتذكر إسمهم نشعر بالقوة لإنهم أرادوا أن نكون أقوياء وأن لا نخذل ثقتهم مهما حدث وأن لا نستسلم للحياة ..
لذلك فإن الحب لا ينتهي بالوداع فهو عالق ومحفوظ في القلب ومتأصل في الروح ورفيق وحشة الحياة ..