بقلم: نورا محمد حنفي
- بداية الرحلة ..
تبدأ الحياة فتبدأ معها رحلة طويلة من المُعاناة ، من التساؤلات والبحث والإدراك ، وفي سبيل النجاة قد نضعف وتُهدم قوانا حتى تُمد لنا يد العون من جديد ، فتستمر الخطوات ونستمر نحن أيضاً في مُجاراة تيارها العنيد .. ولكن ، هناك لحظة قد تمر بنا دون أن تعود الحياة بعدها كما كانت من قبل ! ، تعصف باتزاننا وكأنها جاءت لتسحق كل الآمال في مستقبل هادئ يمر بسلام ، تبدأ ، فتبدأ معها رحلة المجهول ، الإجابات تظل قيد البحث دون جدوى ، والنبض ينظر في ترقب عن إمكانية إستمراره في اللحظة القادمة أم أنه قد كُتب عليه الزوال ! .. رحلة التغيير ، فهي إختبار للإنسان ، لإنسانيته ، قوته ، صبره وإيمانه .. إذا أردنا أن نُلخص رحلتنا اليوم فلن تكفينا بعض السطور في سرد جميع منعطفاتها ، ولكن .. قد تمنحك القليل عن ملامحها ..
- لحظة .. تبدل فيها الحال إلى حال !! ..
تمر الحياة بسلام حتى هذه اللحظة ، اللحظة التي ترى فيها الحياة بشكل أخر ، الحياة بأكملها تتبدل ، حرارة الشمس تصبح كالسقيع الذي لن تتحمله أطرافك ، البشر يصبحوا غرباء عنك وكأنك لم تكن منهم يوماً ما ، وتصبح أنت الغريب عنهم أيضاً ، تائهاً في الطرقات تبحث عن مأوى يحتمل ما طرأ عليك من بصمة الحياة القاسية ، وتشعر بأنك حِملاً ثقيلاً على الأرض التي لطالما حملت خطواتك وكيانك بمنتهى الترحاب والرضا ، الآن أصبحت تخشى أن تُشعرها بوجودك على قيدها ! .. ولكن ما هي اللحظة التي تفعل بنا كل هذه الجلبة ؟! ، تُطيح بنا إلى هذا الحد ؟! ، كيف يمكن للحظة أن تقيم لنا المشانق وتُهشم السعادة بهذا القدر من الوحشية ؟! .. إليك الإجابة وإن كانت قاسية بعض الشئ ، ولكنها حقيقة من حقائق الحياة ..
بكل لحظات الإنسان المؤلمة التي يمر بها ، فتُهشم ما به من حياة ، لن تمر عليه لحظة أصعب من لحظة إصابته بــ “السرطان” ، الذي تتعدد أنواعه وتختلف من شخص لأخر ، فمنه سرطان الثدي ، سرطان الرئة ، سرطان القولون ، سرطان الكبد ، وسرطان المخ وغيرهم ، ولكن السرطان الأقسى والأصعب على الإطلاق هو الذي يُصيب الروح ! ، فهو يمكث بها حتى يتأكد من أنه قد قضى عليها تماماً ! ، يتخذها مسكناً له وكأنه الشريد وقد وجد أخيراً مقصده ، يقتص منها وكأنها عدوه الأوحد ، دون رحمة أو شفقة تجاهها ، وكأنها فريسته ، ينهش ما بها من سلام وإتزان وإطمئنان ، تكون بالنسبة له بمثابة الكنز الذي يغنيه عن كنوز العالم كله ، وهي الحفرة التي يقع فيها البشري دون أن يشعر ، فتبعات هذا المرض ليست في التعب والعلاج والمدة ، بل فيما يقذفه هذا المرض في النفوس والروح من أساليبه الكئيبة حتى يسلب من البشري سلامه ورضاه ..
علمياً .. إذا أردنا أن نوضح ما هو السرطان بتعريف بسيط .. فهو عبارة عن : ” مجموعة كبيرة من الأمراض التي تتكون من نمو غير طبيعي للخلايا مع إحتمال غزوها أو انتشارها إلى أجزاء أخرى من الجسم “، وهذه الخلايا تشكل مجموعة من الأورام ، والورم عبارة عن مجموعة من الخلايا التي خضعت لنمو غير منظم وستشكل غالبًا كتلة ولكن مع إمكانية توزيعها بشكل منتشر .
عربياً .. أوضحت منظمة الصحة العالمية عام 2016 أن مصر تحتل المرتبة الثالثة من بين الدول العربية ، وكانت نسبة الإصابة بالسرطان : 152 لكل 100 ألف شخص ، وتأتي مصر بعد الأردن التي احتلت المرتبة الثانية بنسبة 155 لكل 100 ألف شخص ، وتحتل ” لبنان ” المرتبة الأولى من بين دول غرب آسيا في أعداد الإصابة بهذا المرض ، وفي المرتبة الــ 48 عالمياً ..
وأما عن أسبابه فهناك الكثير من الأسباب التي تساعد على إصابة الإنسان به ، من ضمنها الطفرات الجينية الناتجة عن العوامل البيئية ونمط الحياة ..
ومن هذه العوامل البيئية ما يلي:
1- التبغ والذي يُشكل نسبة 25 : 30 %
2- العدوى والتي تُشكل نسبة 15 : 20 %
3- النظام الغذائي والسمنة بنسبة 30 : 35 %
4- الإشعاع بنسبة تصل إلى 10 %
وهي بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى هذا المرض ولكن .. على الجانب الإنساني فالحديث قد يطول ، فالهدف اليوم هو تسليط الضوء على مسار الإنسان منذ بداية معرفته بالإصابة وحتى وصوله إلى الشفاء بسلام .. ومن هنا تبدأ ” الحواديت ” ، ولكنها قد تكون مؤلمة في بدايتها بعض الشئ .. فلا تجزع .. الرحلة طويلة ..
- قصص الألم ، والأمل ..
على لسان أبطال استطاعوا بفضل الله ثم جهد الأطباء أن ينتصروا على هذا الــ ” بعبع ” الذي يُمثل الخطر الأول على حياة كل من يُصاب به ، وبقصص حقيقية يتصف فيها الفوز والإنتصار الحقيقي لكل أبطالها بالأمل واليقين في قدرة الله ورحمته ، فإن كان السرطان هو الشبح الذي يُراود البشرية بين اللحظة والأخرى ، فيكفيك أن تدرك بأن الله هو الشافي والمُنقذ لكل داء وألم مهما كانت درجة قسوة هذه المُعاناة ..
فإليكم بعض القصص المُلهمة لأبطال الإرادة والقوة والرضا ..
– ” سلمى الزرقا ” ، أو ” المرأة الخارقة ” .. لطالما كانت التجارب المؤلمة مُلهمة للكثير منا ، لكن قصة أول ابطالنا اليوم هي ” فكرة ” وليست تجربة فحسب .
عاشت ” سلمى ” حياة مستقرة ، فتاة في مُقتبل العمر ، تتالق بنجاحها وتلمس به السماء ، وجدت شريك الحياة ، فوجدت معه الحياة بمعناها ، حتى استقبلت ” ضيف ” غير مُرحب به ، ولكنها أصرت على تقديم واجب الضيافة له على أكمل وجه ، وهو الأمر الذي قابله العالم بإعجاب كبير لقوة صبرها وإبتسامتها التي أشرقت ولم تسمح لها بالمغيب ، وعلى الرغم من كرمها الزائد معه ، إلا أنه سلب منها بعض حقوقها في العيش ، بل أبسط حقوقها ! ، ” ذراعها الأيمن ” ، قوتها الأولى في الحياة ، لم تستلم أو ترفع الراية البيضاء ، حاربت ” سرطان العظام ” حتى اللحظة الأخيرة ، حتى انتقلت إلى رب العالمين تاركه ” الأثر ” ، عاشت من أجله ، وفاضت روحها وهي مُطمئنه بوصول رسالتها السامية إلى الأرض ، الإيمان و الأمل ، أسلحتها الوحيدة أمام الوحش الفتاك الذي لا يهتم بشأن ضحاياه ، ولكن ” سلمى ” اليوم تُمثل أشجع مُقاتليه .
– ” مثلي كمثل الجميع ، سماعي لهذا الاسم كان ” من بعيد لبعيد ” ، فهو بالنسبة لي ” المرض الوحش ” ، هو غرفة مظلمة موحشة بالنسبة لي ، ولم أكن أتخيل يوماً أنني سوف اُصاب به ! ، ولكن الأمر قد حدث ..
بعد ولادة إبنتي الصغرى تلقيت هذا الخبر ، ” سرطان في الثدي ” ، مشاعر مختلطة ، بين الصدمة والرهبة من مجرد سماع اسمه ، وبين السكينة التي أنزلها الله على قلبي ذلك الوقت ، توقعت أن يمتلئ قلبي بالحزن وتفيض علي الدموع ولكنني قد إتخذت قراري بأن ” أخدها خطوة خطوة ” ، وبدأت رحلة العلاج ، بين جراحين ومُعالجين وأطباء متخصصين ، وتم الإستقرار على أحد الأطباء ومتابعة العلاج معه وتم الشفاء بفضل الله ..
ولكنه قد أخبرني في أول رحلة العلاج بشئ عجيب ! : ” إن كان مجيئكِ لي من 5 سنوات لم أكن لأعطيكي العلاج المناسب ! ” ، وذلك لأن الأبحاث مستمرة وتتطور كل لحظة ، ولكن كان محركي الأول هو أملي في الله وأنه قادر على إخراجي من تلك المحنة ” ..
وتابعت ” كانت إستجابتي للعلاج كبيرة برغم أنني كنت أعاني من درجة متطورة من المرض ، من بعد العلاج الكيماوي بدأت رحلة العلاج الإشعاعي ثم عملية إستئصال كامل للورم وأيضاً جزء من الغدد الليمفاوية أسفل الذراع ” ..
إلى هنا تبدو القصة مبشرة ، وتستحق أن تكون نهاية سعيدة ” زي الأفلام ” ، ولكن ، الحدوتة لم يُكتب لها النهاية بعد ! ..
– عاد من جديد ! ..
” بعد عامين من ذلك ، عادت الرحلة بعد أن حسبتها انتهت ، ولكن الرحلة هذه المرة لم تكن في الثدي بل في الرحم ، بنفس السيناريو يُعاد من جديد ، وكان الإسئصال لكامل الرحم وكل الأجزاء التي تضررت منه ، وتم الشفاء مجدداً بفضل الله وتوفيقه ، وأما عن الأعراض الجانبية فلا يمكن أن نحصرها في القليل من الكلمات ، فهي تختلف من شخص لأخر بحسب قوتها وشدتها ، ولكن سر الرحلة يكمن في ” الحالة النفسية ” ، فهي النجاة من ألم الطريق ، ” هي اللي بتهون كل حاجة ” ، حيث أن أكثر الأطباء قد صرحوا بأن الحالة النفسية عليها الإعتماد الأكبر في درجة إستجابة المريض للعلاج وذلك بنسبة 20 : 30 بالمائة ، ومن تجربتي الخاصة أشهد بأن الحالة النفسية هي ” البوصلة ” التي تقود الإنسان في رحلته فيرى طريقه ، من العدم أو النجاة ، الشقاء أو الشفاء ، هي المُحرك الأساسي في رحلته ، ودونها لن ينجح العلاج ويُحقق الأهداف المرجوة ” ..
اليوم ، بطلة هذه القصة مُتعافية من المرض منذ 4 سنوات ، بعد أن أصابها مرة فواجهته بالقوة والأمل ، وزارها مجدداً فلم تهتم به ولم تُحسن ضيافته ، فهو ضيف ثقيل على القلوب ، والآن ، تحكي قصتها في شجاعة وإبتسامة الأبطال بعد أن تمكنت من طرده خارج حدودها القوية ..
وقصة أخرى على لسان بطلة جديدة وهي المحاربة ” ياسمين غيث ” ، التي تغلبت على اليأس وأطاحت بهذا الوحش الفتاك ولم تنتظر منه سوى أن يمحيها من ذاكرته .. فتقول /
-” اُصبت بهذا العدو منذ عدة سنوات ، أنا من مصر ، ولم يكن هناك الكثير حينها لدية الجرأة بأن يخرج من بين جدران بيته ليُخبر العالم بأنه لديه هذا الضيف العنيد ، وخاصةً السيدات ، لما له من أثر صعب عليهم بعد تساقط شعرهم من تأثير العلاج ، ولم تكن هناك الشجاعة في مواجهة الحياة بدونه وهو يُعتبر تاج جمال المرأة ، ولكني أيقنت أن ما حدث لي قد حدث لسبب ما ، ولحكمة ما ، وقد تكون الدافع للتغيير ، وكان قراري بأن أواجه وأتحدث دون الشعور بخجل أو ضعف ، ” رغم ان ناس كتير أوي قالولي بلاش تتكلمي وخبي وداري ! ” ، نصحوني بأن أغطي رأسي عندما سقط شعري ، ولكنني لم أفعل أي شئ مما نصحوني به ! ، ما فعلته هو ما رأيته الأصح ، هو ما شعرت به ، طمحت بأن أغير رؤيتنا لهذا المرض ، وأن البشر لديهم الخوف حتى في ذكر اسمه ! ” ..
” بمحض الصدفة ، دون أن أحسب لذلك حساب ، على الفور توجهت إلى الطبيب وبدأت مرحلة الكشف والإسراع في أخذ الإجراءات ، لأنني قد رادوني شعور قوي بأنه ” السرطان ” دون أن يتم التأكيد بعد ، وبالفعل صدق شعوري ، وخلال يومين فقط أجريت الجراحة ، وبعدها تغيرت الحياة بأكملها ، لم يعد أي شئ كما كان في السابق ! ، ولكن برغم ما قد كان يراودني وقتها من إحباط وألم وحزن ، بما كان يُقال بأن ” فلان مات وفلان لسة بيتعالج ومخفش ” ، ولكنني أدركت بأن ما حدث قد حدث لسبب ما ، وهذا السبب بدأ يظهر ويتضح لي بعد ذلك ، ومع الوقت ، وشعرت بأنني في حاجة إلى التحدث عنه بطريقة إيجابية أكثر وأشارك قصتي مع الناس ، ومن ثم استطعت أن أشاركها برسالة من الأمل في مسلسل حلاوة الدنيا من بطولة هند صبري ” ..
الآن .. هي تُعبر عن رحلتها بكل تفاصيلها بشجاعة ، دون أن تختبئ خوفاً من نظرات البشر القاسية ، التي لم تُعيرها إهتماماً يوماً ، بل كانت قضيتها الأولى والأخيرة هي التغيير ، تغيير الفكرة ، تغيير النظرة .. والآن هي تتألق ..
ومن مختلف البلدان العربية كانت تُروى القصص بمنتهى السعادة ! ، برغم الألم المخفي ولم يُكشف إلا أمام أبطال القصة ، أبطال الملحمة ..
– تقول إحدى المُلهمات :
– ” من خلال عربات الفحص المُتنقلة بالشوارع تم الكشف عن مرضي ، بالصدفة ، مشاعر لا توصف ! ، من الخوف والقلق ، كان عقلي يزدحم بالتساؤلات التي لم ترحمني .. هل سيتم شفائي من هذا المرض ؟ ، كيف سيكون العلاج وأثره علي ؟ ، كلها لحظات عصيبة مرت علي ولكنها كانت مجرد لحظات ما قبل الشفاء والبداية لحياة جديدة ” ..
-ومحاربة أخرى تروي بنظرات تغرق بالذكرى المؤلمة وتمتزج بدموع الفرح :
– ” بمرافقة أمي ، اكتشفت المرض ، فكانت الصدمة صدمتين ! ، ولكنه كان أيضاً بالصدفة فقد كان يتم علاجي من شئ أخر ولكن أعراض الأمراض كانت تُلازمني منذ فترة طويلة ولكنني لم أكن أهتم بها ! ” وتابعت مبتسمة ” أشعر بالفرح من إنتشار العيادات والمستشفيات الخاصة بالكشف المبكر عن هذا المرض ” سرطان الثدي ” ، وهو ما يُبشر بالشفاء السريع له ، فهو بمثابة تشجيع للسيدات للكشف عن المرض وعدم التراخي عن الأعراض مثلما فعلت أنا ” ..
-” المُعاناة الجسدية هي فترة مؤقتة وسوف تمضي لا محالة ، بدايةً من ألم الكيماوي مروراً بألم العظام والمفاصل والتقيؤ ، وكل الأعراض التي بدورها القضاء على سلامة الإنسان هي زائلة بإذن الله ، ولابد أن يكون المجتمع داعم ولا يلعب دور المرض أيضاً على المريض ، فهو العالم والأسرة الكبيرة ، وكذلك الأسرة المرافقة للمريض طيلة فترة المرض لابد وأن تكون مشجعة وساندة له ، للأسف نفتقر للوعي ولكنه هو أساس التغيير والمحاربة في معركتنا ضده ، حتى تتشكل لدى الأفراد فكرة عامة له وكيفية مواجهته ” ..
-” أنا ريم نصار .. أنا زوجة وأم وأخت وصديقة ، وأُدير مشروعاً خاص بي ، حياتي مقسمة بين مسئولياتي في بيتي وعملي ، يوماً ما أثناء عملي من المنزل خلال فترات الحظر التي فرضها فيروس كورونا ، شعرت ولاحظت وجود كتلة غير عادية في جسدي ! ، وقررت ألا أتهاون في هذا الموضوع ، لأنه كان شئ غير طبيعي على جسدي وعما عاهدته عليه ، وكان عبارة عن كتلة كبيرة ، وبرغم الظروف السائدة حينها من فيروس كورونا وتخوف الجميع من النزول من البيت ولكنني قررت أن أتخذ خطوة حيال ذلك ” ..
” عندما ظهرت نتائج التحاليل وكان يتبقى لي على موعد زيارة الطبيبة يومين للكشف عما به ، قررت أن تطلع عليه أختي بحكم أنها طبيبة ، وذلك من فرط توتري وقلقي حينها ، وقد كان ، فقد كانت تُمهد لي بهدوء أنه خلايا غير طبيعية ولكن الأمل بالله هو أملنا الوحيد ، وكذلك تم تأكيد كلامها بكلام الطبيبة المعالجة وكان كلامها مُطمئن حيث أن الكشف كان مبكراً ” ..
” رحلة العلاج كانت تتطلب إستئصال للورم وكذلك علاج كيماوي وإشعاعي ، ولكنني لم أترك الحياة حتى وإن هي تركتني لفترة العلاج ، حيث أن طوال فترة العلاج كنا نحرص على أخذ الصور التذكارية وكأنها بمثابة عد تنازلي لقرب إنتهاء جلسات العلاج ، فبعد هذه الصورة يصبح عدد الجلسات 5 وبعد هذه الصورة تصبح 4 جلسات وهكذا ، وقد كانت تهون علي الكثير من الألم ” ..
” من اللحظات المؤثرة جداً هي لحظة حلق زوجي لشعره بالتزامن مع وقت سقوط شعري ، وقد كانت من اللحظات الداعمة جداً لي ومنحتني الكثير من الحياة والمساعدة ، فبعد بداية العلاج بحوالي 3 أسابيع بدأ شعري يتساقط حتى نهايته ولم أبكي منذ تلقي الخبر بمثل هذا القدر عند رؤيتي لنفسي بهذه الحالة ، والآن .. إنتهيت من رحلة علاجي بكثير من الأمل والراحة ” ..
” رسالتي الأولى والأخيرة هي الكشف المبكر والفحص الدوري ، والتمسك بالأمل هو النجاة ” .. واختتمت قصتها بهذه الكلمات التي كانت هي رسالتها الثمينة لكل البشرية ..
وبتجربة أخرى مُلهمة نختتم قصصنا اليوم ، تبدو الحكاية من الخارج بأنها قاسية ومؤلمة ولكن إن بحثت في المعنى خلف الكلمات ستحصل على الفكرة ، الإنسانية يُعاد بلورتها من جديد داخلك ، تكتشف ذاتك وكأنك لم تولد إلا الآن ..
الإعلامية المتألقة / لينا شاكر .. أطلت منذ فترة بكلماتها القوية ، التي أدركنها مع أول حروفها بأن قد إنضمت لمسيرة الأبطال هي الأخرى لتخرج منها بروح إيجابية وقلب جسور لتقص علينا الحدوتة من الألف إلى الياء ..
-” في البداية كنت في أشد الحرص على عدم معرفة أي شخص بمرضي ، بإستثناء المقربين هم من تلقوا الخبر ، التزمت بــ ” الباروكة ” حتى أخفي الأمر تماماً وقررت أن تكون تجربتي في سرية تامة ، دون أن أقذف الضيق والقلق في قلوب أحبتي وعائلتي وأصدقائي ، وفي منتصف رحلتي جاءتني نصيحة من أقرب أصدقائي بأن أُنفذ جلسة تصوير خاصة بي وأحتفظ بها للذكرى ، تلقيتها بالمزاح في بداية الأمر ولكنه ما حدث بالفعل بعد ذلك ” ..
” من المضحك أنني نظرت يوماً ما قبل تشخيصي وقبل أن تظهر علي أي أعراض إلى ” الباروكة ” وقلت لها في سخرية : تفتكري هعوزك ف الكيمو ؟! “
” وفي أحدى مكالماتي مع صديقي الإعلامي : شريف مدكور ، وهو محارب وبطل شجاع تمكن من الشفاء من سرطان القولون ، طرح علي سؤالاً أعاد لي نظرتي للأمور : لية مش عاوزة تقولي وتكوني سبب في مساعدة ناس تانية ؟! ، زي ما أنا عملت ” ..
” بعد قراءتي لأحد منشورات الفيس بوك لسيدات تحكي تجاربها مع المرض بعد الشفاء ، قررت أن أتحدث وأشارك قصتي أنا أيضاً ، بطاقة إيجابية كي نواجة هذا المرض بوعي وشجاعة ، والتحدث عن ذكرياتي مع والدتي التي أيضاً أصيبت به قبل رحيلها ” ..
” يالا أنا جاهز ، قالها صديقي المصور / طارق عبد الله بعدما أخبرته برغبتي في جلسة تصوير بهذه الحالة ، دون شعري ، ولكنها خطوة من أجل التحفيز والدعم لكل البشر تجاة هذا المرض فلم أجد منه سوى الموافقة والدعم ” ..
” احتفظت بها لمدة شهرين حتى أنتهي من جميع مراحل علاجي ، وعلى الفور قررت نشرها ” ..
” أنا خفيت ” ..
وبعد رحلة طويلة .. انتهت بالشفاء ، نصل إلى نهاية رحلتنا اليوم بإبتسامة ساحقة لكل لحظة ألم مر بها أبطالنا ..
- نهاية الرحلة .. بداية الحياة ..
نعم هم نجوم الحياة ، أضاءوا الكون بالأمل والتفاؤل والتمسك باليقين في قدرة الله ، الشافي ، فما من مستحيل في حضرة اليقين بقوته ورحمته .. فلا خوف الآن ولا حزن ، أنت في يد الرحمن ، وقلبك لا يزال ينبض بالإيمان ، فلا تجعل قلبك في مهب الريح يفعل به الشيطان ما يحلو له ..
حالة من الحياة طالت أبطال القصة وطالتنا أيضاً ، مع كل خطوة في رحلتهم ينتاب قلبنا الخوف والرهبة حيال الحدث القادم واللحظة المرتقبة ولكن سرعان ما ينتشلنا الأمل من قبضة اليأس ببسمة من وجوههم المشرقة .. المشرقة بنور الإيمان ..
تأكدي عزيزتي أنكِ قوية ، بما يحمله قلبك من إيمان ، وروحك من طاقة أمل قادرة على تهشيم قبضة اليأس .
موضوع قد يهمك :
كل ما تريدين معرفته عن سرطان الثدي من الأسباب والأعراض إلى العلاج