خلال عرضه مساء 11 أكتوبر 2012 بمهرجان لندن السينمائي في دورته الـ56 لاقى فيلم “وجدة” للمخرجة
السعودية هيفاء منصور استحسان الكثير من المشاهدين والسينمائيين الذين عدّوه أوّل فيلم يحقّق انفتاح
السينما السعودية على الفضاء العالميّ.
وكان هذا الفيلم قد عُرض بمهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ69 بداية شهر أيلول الماضي وفاز
فيه بثلاث جوائز هي جائزة سينما فناير CinemAvvenire Award، وجائزة الاتحاد الدولي لفن السينما
CICAE Art Cinema Award، وجائزة انترفيلم Interfilm Award.
ولعلّ هذا ما رغّب شركة سوني كلاسيك بيكتشرز في شراء حقوق عرض هذا الفيلم في أميركا خلال العام 2013،
إضافة إلى تكفّل شركة بريتي بيكتشرز بعرضه في فرنسا وألمانيا وسويسرا.
وفيلم “وجدة” هو من تأليف وإخراج هيفاء المنصور، وشارك في إنتاجه كلّ من شركة روتانا، ومجموعة
ريزور فيلم Razor Film ومجموعة هاي لوك High Look Group . وقد تم تصوير كامل أحداث الفيلم داخل
مدينة الرياض بفضل فريق سعودي من الممثلين والفنيين.
يُذكر أنّ المخرجة هيفاء منصور، المولودة بـالمنطقة الشرقية للمملكة السعودية عام 1974 وخرّيجة الأدب
الإنجليزي المقارن من الجامعة الأميركية بالقاهرة، هي ابنة الشاعر السعودي المعروف عبد الرحمن المنصور.
وسبق لها أن أخرجت عدة أفلام منها “الرحيل المر” و”أنا والآخر” و”نساء بلا ظلّ”، وهو ما جعلها تفوز
بجائزة الخنجر الذهبي لأفضل فيلم وثائقي في مهرجان مسقط السينمائي عام 2006.
يعالج فيلم “وجدة” موضوع كيفية استثمار الحريات المتاحة للمرأة في ظل ما يحكم المجتمع السعوديّ من
منظومة قيم عرفية ودينية، وذلك ضمن وجهة نظر ذات بعد إنساني بعيدة عمّا هو موجود من مظاهر الجدل
النخبوي المتصل بقضايا المرأة. تنهض فكرة الفيلم على قصة طفلة سعودية (الطفلة وعد محمد) في الحادية
عشرة من عمرها تحلم بقيادة دراجة هوائية، غير أنّ أمّها (الفنانة ريم عبدالله) تثنيها بشدّة عن فكرتها
تحت تأثير أخلاق مجتمع محافظ يمنع عن الفتيات قيادة الدرّاجات ويعتبرها “حمار إبليس”. ولكن “وجدة” لا تجد
منطقًا معقولاً في ذاك المنع، فتتمرّد عليه، وتشارك في مسابقة لحفظ القرآن، وتصرّ على الفوز فيها
مستخدمة عائدها الماليّ لشراء الدرّاجة الهوائية حتى يتسنى لها أن تسابق صبيًّا صغيرا من صبيان الجيران.
وفي لقاء مع صحيفة الغارديان البريطانية (شهر شعبان 2012) تُصرّ هيفاء المنصور على أن “النساء
السعوديات محتاجات إلى التماسك فيما بينهن والإيمان بقدراتهنّ، والعمل من أجل كل ما يجعلهن سعيدات”
وتضيف قولها: “نحن بحاجة للدفع بقوة ضد ثقل التقاليد، نحن محتاجات لرواية القصص التي نريد للعالم أن
يعرفها، وأعتقد أن العالم مستعد للإنصات إلينا”.
وفي هذا الشأن، ومن طرائف ما حفّ بتصوير فيلم “وجدة”، هو اضطرار مخرجته هيفاء المنصور، في بعض
الأحيان، إلى الاختباء في شاحنة مغلقة بمدينة الرياض لتصوير بعض اللقطات حتى لا تثير انتباه الناس.
ولئن اُستقبل نجاح فيلم “وجدة” استقبالا حسنا من قبل الأوساط الفنية والثقافية والسياسية
السعودية، وقال في شأنه الأمير الوليد بن طلال إنّ «السينما قادمة لا محالة» فالسؤال هو أين سيشاهد
المواطن السعودي فيلمه الجديد والسعودية تحظر عرض الأفلام وليس بها قاعة عرض سينمائي واحدة للعموم
عدا قاعات النوادي؟