سهير القيسي .. من طبيبة أسنان إلى إعلامية متألقة

مشاهير
31.3K
0



سهير القيسي .. من طبيبة أسنان إلى إعلامية متألقة

من الطب إلى الطب.. بهذه الكلمات تلخص الإعلامية سهير القيسي انتقالها من طبيبة أسنان إلى إعلامية
متألقة فرضت حضورا قويا وراء مايكرفون الإذاعة قبل أن تجلس أمام كاميرات قناة العربية تنقل
للمشاهدين ما يجري في العالم بحرفية راقية.

تركت القيسي مثقاب الأسنان وأدوات الجراحة، لتصبح “طبيبة إعلامية” تمسك بمبضع الصحافة لتنتقل من
معالجة الآلام أفراد، لإلقاء الضوء على “هموم الشعوب” العربية ونقل معاناتهم وأحلامهم بأقرب صورة
ممكنة للحقيقة.

 

عن نشأتها تقول سهير: “عشت طفولتي انهل من مبادئ أبي الذي عاش حياة المناضل وتركني مبكرا جدا، بعد
أن غرس في ثنايا نفسي قيما وقوة تدفعني إلى الأمام دائما، كنت أحب المشاركات في الفعاليات الثقافية



والفنية التي تجري في مدرستي مثل الغناء والرسم، ومثلت مدارسي في جميع مسابقات المتفوقين، كما كان
عندي حب وشغف كبير للمسرح والخطابة لذلك اعتقد أن تركيبة شخصيتي كانت تميل للإعلام منذ البداية.
وتشير القيسى إلى أنها كانت سباقة بين أقرانها بالطموح والأفكار الكبيرة “درست الطب وأنا فخورة بذلك.
أجد أن مهنة الطب تجمع عاملين مهمين فيها: الحس الإنساني والصدق في التعامل”.




ومن المواقف التي جعلتها تعشق مهنة “البحث عن المتاعب”، تقول سهير: أثناء الدراسة الابتدائية
اختارتني المذيعة العراقية الشهيرة آنذاك نسرين جورج حتى أكون من ضمن الأطفال الذين تتعاون معهم في
برامجها بعد أن التقت مجموعة من المتفوقين في حي الكرخ ببغداد وكنت من ضمنهم واذكر أنني كنت أكثر
الأطفال مناقشة وحديثا معها ومع الكاميرا مما حدا بها إلى اختياري”.
وتردف قائلة: “في المرحلة الإعدادية أصبحت من أصدقاء الإذاعة الإنكليزية في بغداد وكنت أعد برامج
وأرسلها لهم وكل شئ كان عن طريق المراسلة حتى طلبوا مني العمل الدائم في الإذاعة حين كنت في الكلية،
وذهبت للقائهم وكانت اللحظة التي جلست فيها وراء المايكروفون لأول مرة من أسعد اللحظات في حياتي،
وأيقنت من ساعتها أني لا أستطيع العيش دون المايكرفون.. لكنني رفضت العمل الدائم وتوقيع أي شكل
من أشكال العقود مع إذاعة (الأف أم) الإنكليزية رغم إلحاح الإذاعة لأنني كنت أرفض العمل في إعلام موجه
تسيطر عليه الحكومة “.

 

من ناحية أخرى ترى عاشقة “بغداد” أن معايشتها لظروف الحرب في بلادها منذ الحرب العراقية- الإيرانية
وحتى اللحظة الراهنة جعلها تدرك بأن لها رسالة وقضية تدافع عنهما “عندما كنت طفلة أول قصيدة
حفظتها عن غيب كانت قصيدة طويلة للشاعر الكبير محمود درويش يكرر فيها جملة ( سجل أنا عربي)، ومن
ذكريات الحرب والطفولة معا….. كان خالي ضابطا شابا أيام الحرب مع إيران ويلبس دائما ملابس
عسكرية ويغيب شهورا ليأتي ويتحدث عن شجاعته في مجابهة الموت وقد اكتسبت بشرته سمرة جميلة.
كنت أقفز من الفرحة- والكلام لسهير- عندما كان يطرق الباب وحالما يجلس أحضر المشط لأمشط شعره الأسود
الكثيف المموج.. لكني كنت أشعر أنه لم يكن سعيدا بالحرب أبدا ولم يكن مقتنعا بمواجهة أي إنسان
بالسلاح لكن كما هو معروف النظام آنذاك كان يجند الشباب وبالقوة أحيانا.. كل هذه الصور لا تبارح
مخيلتي.. أكره الحرب جدا.. وأحب عراقي .. وفخورة بعروبتي جدا.

رحلت سهير عن بغداد تاركة – كما تقول- وراءها أدراجها المليئة بالذكريات وأرضا عريقة تعاني ويلات
الحروب “وأخذت معي شيئين وشاح أمي الأبيض الذي يحمل عطرها كي أنام على عبقه كل ليلة وبقايا
طفولة.. وفي الإمارات حيث أقمت عند شقيقي لم تهدأ موهبة الإعلام في داخلي بل بقيت تشتعل كالبركان وحال
وصولي إلى دبي سنحت لي الفرصة لأقدم في مؤسسة الأم بي سي وفعلا قابلت الأستاذ الإعلامي الكبير حسن معوض،
اقتنع بقدراتي وعملت”.
وعن تجربتها مع إذاعة “بانوراما أم بي سي”، تقول سهير: “لن أنسى أبدا الحنان والتشجيع والقوة التي
منحتني إياها هذه الإذاعة الرائعة… منذ أول يوم وضعت قدمي فيها وحتى اللحظة، أنا اشعر بالامتنان
لمدرائي الذين منحوني الثقة لأدخل مجال الإعلام وبقوة كانوا ومازالوا معينا لا ينضب لي.. ثقتهم بي
كانت دافعي لأتطور لم تمر لحظة في البانوراما دون أن أتعلم فيها شيئا.
وتستمر بالقول: “بالمقابل منحت الكثير لهذه الإذاعة..على مدار سنة ونصف قدمت برامج وأفكار جديدة
مثل (صحتك أولا) وبرنامج (كالوريز).. إضافة إلى الأخبار السياسية وكل ما يتعلق بالتغطيات
السياسية والميدانية لأهم الأحداث على الساحة العربية والدولية”.
وترفض القيسي أن يكون جمالها هو السبب الوحيد لانتقالها لقناة العربية، “لو كان الشكل هو المعيار
لكنت فشلت في أول اختبار، ولما عرفني الناس وأحبني الكثيرون وأنا مجرد صوت يطل عليهم بين الحين والآخر
عبر أثير راديو بانوراما دون أن يعلموا شيئا عن شكلي، أنا لا أنكر أبدا فضل شكلي وحضوري أمام
الكاميرا في اختياري لأكون مذيعة في قناة العربية، إلا أن هذا كان جزءا من كل. لقد خضعت لفترة تدريب
وتقييم استمرت سبعة شهور حتى ظهرت عبر العربية، وبعد أن لمست إدارة الام بي سي في شخصيتي مضمونا
وموهبة وشكلا شرفتني باختيارها لي”.
وتوضح سهير أنها في المنزل يكون حالها مختلفا تماما عما هي عليه أمام الكاميرات، “البيت هو المكان
المناسب لإطلاق مواهبي والقيام بمختلف هواياتي المتعددة, في منزلي أحب كثيرا أن اطبخ أيام العطل.. أحب
أن يكون كل شئ منسقا ومرتبا. وأحب الألوان الدافئة للمنزل كما أحب وضع صوري في كل مكان. لا أحب
السهر إلا مع أهلي عندما يزورونني من وقت لآخر. واقضي أغلب أيام العطل في التبضع”.

 

وبالنسبة للموسيقى فإنها ترافق سهير، كما تقول، اغلب أوقاتها، “اعشق واسمع كل شئ أصيل حديث أو قديم
أحب الموسيقى مهما اختلفت أصولها وانتماءاتها.. وأحب السمفونيات إلى قلبي هي سمفونيات موتزارت ففيها
الكثير من شخصيتي.. ويعجبني من المطربين العرب، الفنانة الراحلة ذكرى وأنغام ومن الخليج اسمع كثيرا
لعبد المجيد عبد الله.
وتستدرك قائلة: “وطبعا اسمع العمالقة الكبار مثل وديع الصافي وأغاني أم كلثوم القديمة واعشق صوت
سعاد محمد. من الغرب اسمع مايكل جاكسون أحبه كثيرا وستينغ أيضا وبرتني سبيرز. لكن كل ذلك لا ينفي
سماعي لبعض الأغاني الخفيفة أو ما يسمى بـ(التكنوميوزك)، وأهوى كذلك سماع الأغاني التركية خاصة
أغاني إبراهيم تاتلسس”.

 

في مجال القراءة، ترى سهير أن المطالعة أصبحت عندها ضرورة أكثر من هواية بعد أن انتقلت إلى مجال
الإعلام، ومن الكتب التي تركت أثرا عميقا عندها “كتاب (الشخصية الناجعة) للكاتب المصري الكبير سلامة
موسى أضاف لي الكثير…قرأت لكثيرين مثل طه حسين وإحسان عبد القدوس وغادة السمان، واعشق فلسفة
جبران خليل جبران، وأقرا الآن للكاتب الكبير تركي الحمد روايته الجديدة (ريح الجنة) ويستهويني فعلا..
الشعر الخليجي خاصة أشعار الغزل اعتبرها من أجمل ما قيل في المرأة وأحب سماعها كثيرا، حيث أني لا أجيد
قراءتها….أحب نزار قباني ومن التي لا تقع بغرام أشعاره؟ من هواياتي أيضا التأمل”.

وعن المواقف الإنسانية التي أثرت فيها خلال رحلتها الإعلامية، تستذكر القيسي بأسى ما حدث في سجن
أبوغريب من “انتهاكات غير إنسانية” بحق عدد من السجناء العراقيين، “ما حدث في ذلك السجن فجر الكثير
من مشاعر الحزن والأسى عندي.. آلمني إلى ابعد الحدود ما حدث للإنسان العراقي الذي يملك حضارة تعود لآلاف
السنين”تنحي أمامها الهامات.إن ما يحدث في فلسطين والعراق يجعلني أتذكر ما يقوله معروف الرصافي:
وكم قد سمعنا ساسة الغرب تدعي بأشياء من بطلانها ضحك الحقٌ فهم منعوا رق الأسير وإنما أجازوا لهم أن
يشمل الأمم الرقٌ

 

وترى سهير في السياحة مسألة بالغة الأهمية وتعتبر حسب وجهة نظرها من مصادر الثقافة المهمة، “ولكن
بسبب نشأتي بالعراق في أجواء الحرب ومنع السفر عن العراقيين وصعوبة الحصول على فيزا بحد ذاته حال
دون ممارستي لهذه الهواية، ولكن إن شاء الله سأحاول أن أعوض ما فاتني في المستقبل القريب”.
ومن أهم المدن التي ترغب في زيارتها بالدرجة الأولى مكة المكرمة، “فهذه المدينة المقدسة لها مكانة كبيرة
في قلوبنا كمسلمين ففيها بيت الله الحرام وبها كان مهبط الوحي على الرسول الكريم.. ومنها انطلقت
أنوار حضارة الإسلام لتعم العالم كله”.
وترغب سهير كذلك في زيارة العاصمة الإيطالية روما: “فهي من أكثر المدن عراقة وحضارة في أوروبا..
وأيضا لكوني معجبة بشكل كبير بالإعلام الإيطالي”.

 

وتعترف سهير أن بعض من يعرفها يتهمها بالازدواجية لأنها كانت تقوم بأكثر من عمل في وقت واحد، “أنا لا
أجد في ذلك ازدواجية، وأود أن أشير هنا إلى أنني تقريبا هجرت الطب لصالح الإعلام، ولكني لا أجد مشكلة في
التعددية.. من ناحية العمل لي القدرة على تقديم مختلف البرامج السياسية والطبية والاقتصادية وحتى
الرياضية أما الفنية فلم أقدم برنامجا فنيا لحد الآن للأسف.. أنا أحب كثيرا تقديم البرامج الفنية كما
وأن مجال الفن وخصوصا الغناء حاليا يعاني أمراضا خطيرة، واستخدام المرأة في الفيديو كليب بطريقة
مؤسفة هو أكثر ما يحزنني، أما جهل المطربين بتاريخ وأصول الغناء العربي بحد ذاته كارثة”.
وتضيف: “على العموم أنا من مواليد برج الجوزاء ولا تخلو شخصيتي أحيانا من الازدواجية على الصعيد
الشخصي فعلى سبيل المثال اجمع بين الجدية والمرح، وبين النضج والطفولة.. ومن المفارقات أيضا أن يوم
ولادتي يصادف نفس يوم ولادة الممثل الشهير كلينت استوود والممثلة الجميلة مارلين مونرواي في الحادي
والثلاثين من شهر مايو/آ يار… تقول ضاحكة أنا ومونروكنا نحتفل سويا كل عام..!!

 

ومع الأطفال كان لسهير قصص جميلة، “فأخواتي تزوجن وأنجبن الكثير من الأطفال، ولأنني الأخت الصغرى ففارق
السن بيني وبينهم ليس بالكبير، أصبحت خالة في أول سنة ابتدائي!! كنت اقضي الكثير من الوقت معهم،
اشبعوا غريزة الأمومة عندي، مارست معهم دور الأم والأخت والصديقة واشعر أن بعضهم نسخة مصغرة مني
.. ولا يحبون أن امنح حناني لأطفال غيرهم، ولو أن البعض منهم أصبح في طور المراهقة.. والشباب لهم
نصيب كبير من حبي. وأتساءل كثيرا كيف سيكون الوضع لو أني تزوجت وأنجبت أطفالا ينافسونهم ويأخذون
الصدارة في حياتي”.
وعن مواصفات شريك حياتها تقول سهير: “يتمتع بصفات الرجولة الحقيقية من شهامة ومروءة وكرم وصدق في
التعامل، وأن يكون قليل الكلام كثير الأفعال أي يدع أفعاله تتحدث عنه”، وفيما إذا كان شرطا أن
يكون عراقيا تبتسم مجيبة: “الرجولة ليست حكرا على جنسية معينة أو شعب معين لذلك لا اهتم لتلك
المسألة.. المهم أن يكون رجلا بمعنى الكلمة”.
وحول مفهومها للصداقة وأصدقائها المقربين، تقول القيسي: “لا يترك لي عملي الوقت الكثير لإقامة علاقات
كثيرة إلا أنني مخلصة جدا في صداقاتي ولحد الآن أتواصل مع صديقات وأصدقاء المدرسة والكلية. وأهلي هم
أصدقائي .
وفي الختام تقول سهير: “لا حدود لطموحي ولا لطاقاتي ولكن أتمنى أن اترك بصمة في مجال الإعلام بإذن الله
تعالى ويكون لي برنامجي الخاص ومملكتي التي اطرح من خلالها فكري ومضموني هذا في مجال الإعلام، أما مجال طب
الأسنان فالقصة لم تنته بعد، أحب أن يكون لي مركز متخصص في تجميل الأسنان”.





Mesyar - مسيار

هل ترغبين في تلقي الأخبار الجديدة التي تصدرها المجلة؟
الاشتراك في نشرة أخبار المجلة



تطبيق مجلة المرأة العربية

يمكنك اختيار نسخة التطبيق المناسبة لجهازك.

تطبيق مجلة المرأة العربية

تطبيق مجلة المرأة العربية

تعليقات الفيسبوك