السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,أنا فتاة مخطوبةمن سنه ونصف، وخطيبي هو ابن عمي ومشكلتي معه أنه يرفض زيارتي والتواصل معي، بحجة أنه يريد كل شيء بعد الزواج، وأن إخوته كذلك كان شأنهم من قبل، وأنا تعبت كثيرا من تصرفاته وإهماله لي وعدم سؤاله عني، إلا إذا بادرت بالسؤال عنه، وحتي عندما أتصل به تارة لا يرد علي، وتارة لا يطيل في المكالمة، ويعتذر لي دائما بكثرة إنشغاله وعدم قدرته علي ترك عمله، مع علمي بأنه ليس لديه ما يشغله أو ما يمنعه من الخروج، وعندما أناقشه في موضوع تحديد موعد الزواج لا أجده يتحمس لذلك، ومع ذلك يبرر تصرفاته معي بأنها بدافع حبه لي، ولكنني بدأت أفكر في الإنفصال عنه لأنه شخص متناقض، وغالبا ما يكذب في كلامه، فأرشدوني إلي حل مقنع وسليم. ونحن هنا في مجلة المرأة العربية ننتظر مشاركاتكم واستفساراتكم لحل هذه المشكله.
أختي السائلة ;
أشكرك إبتداء علي حرصك وإهتمامك بطرح مشكلتك، هنا في مجلتنا المميزة أما بخصوص مشكلتك فتتمحور حول قضية واحدة جوهرية وهي: معاناتك من إهمال خطيبك وعدم ت
واصله معك وزيارته لك، وإنشغاله عنك، وعدم إهتمامه بتعجيل موعد الزواج بك، وفقدان ثقتك بصدق كلامه وإخلاصه في تصرفاته، وهذا سيقودك إلي التفكير بالإنفصال عنه.
والآن أنت تبحثين عن الحل المقنع والسليم، وهذا يعني أنك لست واثقة من قرارك وإختيارك الإنفصال عن ابن عمك وخطيبك، وعاطفتك ما زالت مرتبطة به، ولكن عقلك قادك إلي
التفكير في أقواله وتصرفاته، فبدأت تشعرين بأنه ليس الشخص المناسب للزواج بك، لأنه من جهة هو متناقض ويكذب في كلامه، ومن جهة أخرىِ لم يمنحك الإحتواء العاطفي،
وتحقيق التواصل والإنسجام الذي كنت تحلمين به، وهنا أقول لأختي الكريمة:
أنصحك أختي الكريمة بمجموعة أمور منها:
– أن تعيدي ترتيب أوراقك من جديد، وتفكري بحِكْمَة في علاقتك بخطيبك، ولا تستسلمي لعواطفك ومشاعرك فتقودك إلي تقييم تصرفاته وعلاقتك به بشكل خاطئ.
– أن تفرِّقي بين الخطيب القريب والخطيب الغريب عنك، فأنت إخترت قريبك وابن عمك وليس غريبا عنك ليكون زوجا لك، وهذا يجعل طبيعة علاقتكما مختلفة عن التي تجري بين الغرباء،
فقد تعوَّد علي أن يراك، أو يلتقي بك في مناسبات، أو لقاءات أسرية متكررة، وبالتالي أنتما تألفان بعضكما، وبالتالي فد تجاوزتما مرحلة الخطوبة التي يحاول كل شريك أن يقترب من
الآخر ليتعرف عليه، لأنكما تعرفان بعضكما جيدا كقريبين قبل أن تكونا خطيبين، ولهذا لن تجدي من ابن عمك ذلك الشوق والحنين والرغبة الملحة للقائك والحديث معك، كما يحصل عادة
بين الخطيب وخطيبته التي ليست من أقاربه.
– ثقي بنفسك وبخطيبك وأحسني الظن به، وتأكدي بأنه لو لم يكن يحبك لما أخبرك بذلك، ولما إختارك دونا عن بقية النساء، ولما تقدم لخطبتك من أهلك للزواج منك،
أما تصرفاته معك فهي إنما تدل علي أنه إنسان ملتزم بأصوله وتقاليده ومحافظ عليها، ولهذا لا يريد أن يتواصل معك كما يتواصل الخطيب مع خطيبته إلا بعد الزواج، وهذا لا يصدر إلا عن
شخص يحترمك ويراك عزيزة وغالية، فيحافظ عليك ويتحمل مسؤولية حمايتك وصيانتك، والحفاظ عليك وعلي قوة علاقته بك، حتي تصيري زوجة له، وإلا ما يمنعه عن الاختلاء بك،
أو الخروج معك، وزيارتك، وإستغلال رغبتك في لقائه والحديث معه..
– غيري محور تفكيرك في إتجاه مخالف للإتجاه الذي تحدَّث لنا عنه، وإهتَمي أكثر بما هو أصلح وأولي وهو: التفكير في كيفية توثيق علاقتك بخطيبك، وكيفية فهم طباعه وتصرفاته
والتعود عليها، وكيفية احتواء أخطائه وسلبياته، وإمتصاصها والتغاضي عنها، وكل ما من شأنه أن يكون سببا في توطيد التواصل بينكما بسلوكك وتصرفاتك وأقوالك التي تبرهن عن ذكائك
وفطنتك في إمتلاك عقل وقلب من إخترته أن يكون زوجا لك.
– بالحياة هناك إختيارات ولا تملكين أن تحصلي علي كل ما تحلمين به، فماذا تختارين لنفسك، هل علاقة الحب التي تحمل معها كل العواطف والمشاعر بقوتها وسرعتها، المتوهجة
بمعسول الكلام، السابحة في بحر الأحلام، المتوهجة كالشمعة تضيء بسرعة ولكنها ما تلبث تنتهي كما بدأت بسرعة، وتكفيها نفخة واحدة تذهب بنورها؟
أم تختارين العلاقة المتزنة الرزينة، الهادئة والمتحركة علي مهلها بثقة وعمق، والمتوهجة كالجمرة المتوقدة، التي من الصعب إطفائها؟
أعتقد أنك فهمت ما أرمي إليه، وأن العلاقة الجميلة، والتواصل المتين يبدأ بعد الزواج، حيث يكون الحب الصادق أقوى وأعمق بالإحتكاك بالمواقف والتجارب والخبرات، ويدوم معك ما
دامتِ الحياة تنبضُ في قلبك.
– أحسِني استغلال فترات تواصله وحديثه معك وفترات زيارته، وأحسني إدارة الحديث بينكما حتي يستغرق وقتا أطول، ويجد منك ما يشجعه علي إستمرار الحوار بينكما، وهذا يحتاج
إلي إمتلاكك لرصيد من الثقافة والمعرفة العامة بشؤون الدين والدنيا، فيجد عندك دائما ما تفاجئينه به من جديد خبر، أو معلومة، أو إعلان، أو عرض مقترح، أظهري له أنك الأجمل بذكائك
في التلقي والإنصات وأثناء الإلقاء والحديث.
– والأهم من كل ما ذكرته لك أختي الكريمة هو: أن تحرصي علي إقامة الأساس الذي تبني عليه علاقة الزواج الناجح، وهو يقوم على تحري الحلال أولاً،
وثانيًا: توظيف طاقتك في كسب مودة خطيبك وإحترامه وحبه، وهذا يحتاج لجهدك وإصرارك علي النجاح في إتمام الزواج،
وثالثا: عليكِ أن تختاري بقلبك وعقلك، ما يدوم طوال العُمْر ولا يتغيَّر بسهولة، وما ينفع لبناء بيت تشيع فيه السكينة والمودة والرحمة، ويضمن لك ولزوجك وأولادك حياة هادئة ومستقرة
، حياة طيبة كريمة، ولا تجعلي تفكيرك مقيدا بمرحلة الخطوبة وتقليد ما يجري عادة بين الخطيب وخطيبته، ولا تفكِّري فيما يلبي رغباتك اليوم، ولكن فَكِّري في مشروع حياتك القادمة
كيف تحبي أن تكون، وكيف ينبغي أن تكون.
وأخيراًُ ; لا تَدعي عواطفك تسيرك وتحكمك، وتذكَّري أنَّ الزواج لا يحكمه الحب فقط، إنما يحكمه مستوى ما يقدمه كلاهما من تنازلات وتضحيات في مواقف كثيرة يمر بها الزوجان،
ومدى تحَمُّل كلاهما لمسؤولية التصرُّف وإتخاذ القرار، وفكِّري بعُمْقٍ ورَوِيَّة، واستخيري الله كثيرًا، واسألي عن أحوال خطيبك وأخلاقه وسلوكه دينا ومعاملة، وقولا وفعلا من خلال
المحيطين به والمقربين منه، وإستشيري من تثقين برأيهم من أسرتك، أو من تطمئنين إليهم من أهل العلم والصلاح إن استطعتِ، ثم إعزمي أمرك وإتَّخذي قرارَكِ، وتوكَّلي علي الله
، وسلِّمي أمرَك إليه، وتسلحي بالدعاء أن يدبر الله لك ما فيه الصواب، ويختار لك الأصلح، وأن يريك الحق حقا ويرزقك إتباعه، والباطل باطلا ويرزقك إجتنابه.
أسأل الله أنْ يرزقَكِ الحِكْمة والتوفيقَ والهِداية، وأن يُبعدَ عنك السوء والغواية، وأن يوفَّقكما الله وييَسِّر زواجكما، ويجمَع بينكما بالمودة وبالمحبَّة، ويرزقكما من خيرَي الدنيا والآخرة.