ماذا يكون شعورك عندما تطلب منك إحدى صديقاتك أو قريباتك أن تعيريها فستانك المفضل، أو أي قطعة ملابس جديدة في خزانتك ؟
تفاجئك بالقول، إنها تلقت دعوة من دون سابق إنذار، وليس لديها الوقت الكافي للتسوق، أو أنها تمر بظروف مالية تمنعها من شراء زي جديد، وما شابه من الحجج التي تجدين صعوبة في مناقشتها أو عدم تصديقها ؟
ماذا يكون رد فعلك: هل هو شعور بالحرج والغيظ، أم أنه يكون مدعاة للزهو لأن طلبها شهادة لك بأنك صاحبة ذوق رفيع، وتحسنين اختيار ملابسك لدرجة أنها لا تجد أحسن من زيك في المناسبة التي تريد ان تتألق فيها ؟.
غالبية النساء والفتيات يرغبن في التميز وإثارة استحسان الأخريات، لذلك تجد معظمهن يخصصن جزءا من رواتبهن لشراء أزياء مواكبة للموضة وآخر صيحاتها.
فالمظهر الخارجي يعكس جانبا من الشخصية والمكانة الاجتماعية، هذا عدا انه يساعد على تحسين المزاج ويعزز الثقة بالنفس.
ولأن الوصول إلى هذه الغاية عملية مرهقة أحيانا من الناحيتين المادية والبدنية، لا سيما انه ليس كل ما يعرض في الأسواق يخاطب كل الاذواق، فإن هناك شرائح من النساء تحاول اختصار الطريق بأن تتجه الى بيت صديقة أو قريبة عوض الاتجاه إلى المحلات، لتغزو خزانتها وتستعير منها زيا، وربما أيضا إكسسوارات، لترتديها في مناسبة ما.
وهي بهذا تضرب عصفورين بحجر، الأول أنها لن تصرف أي مبلغ يذكر، وثانيا لن تضيع وقتها في المحلات ما دامت قد رأت الفستان وأعجبت به لدى الصديقة.
والأهم من هذا أن استعارة فستان كل مرة لن توقعها في مطب تكرار نفس المظهر في مناسبة ثانية.
استعارة الملابس عملية شائعة بين بعض الفئات، وهي بقدر ما تعكس أحيانا متانة العلاقة، تتسبب في القطيعة، وفي نشوب الخلافات والمشاكل، إذ نجد من تتقبل الأمر بشكل طبيعي، ومن ترفضه رفضا تاما.
وتكشف الشهادات التالية التي استقناها حول هذا الموضوع عن مواقف ووجهات نظر تتراوح ما بين الحدة والرفض والطرافة أحيانا.
تقول أسماء، وهي سكرتيرة تعمل براتب بسيط، أنها تتضايق جدا عندما تطلب منها إحدى القريبات ان تعيرها زيا من أزيائها.
وغالبا ما يكون الطلب يتعلق باللباس التقليدي أي القفطان، لحضور حفل زفاف.
أما سبب تضايقها فيعود الى كونها تشعر بنوع من الاستغلال في هذه العملية «فخياطة قفطان تتطلب مني التقشف والتوفير لعدة أشهر حتى أتمكن من شراء القماش، ثم دفع ثمن خياطته، وفي الأخر تأتي أخرى تطلبه مني بكل بساطة، ترتديه وتتباهى به وكأنه ملكيتها الخاصة».
وتعلق أسماء أنها تعرضت لهذا الموقف أكثر من مرة من ابنة خالتها بالذات، التي تعودت استعارة القفاطين من بنات العائلة، علما أنها موظفة وتتقاضى راتبا محترما، وتتابع: «القشة التي قصمت ظهر البعير كانت عندما علمت في احد الأيام أنها اشترت سيارة، كان ذلك بعد فترة قصيرة من استعارتها قفطان سهرة مني، بعدها اتخذت موقفا صارما، وقررت عدم إعارة ملابسي سوى لأخواتي، لأن هذا في رأيي استغلال فاضح».
اما غزلان، وهي موظفة في شركة خاصة للإعلانات، فتذكرت حادثا طريفا وقع لها قبل سنوات، جعلها ترفض رفضا قاطعا هذا المبدأ.
فقد كانت لديها كنزة من الكشمير عزيزة على نفسها، لا تلبسها الا في المناسبات، وتحافظ عليها قدر الإمكان لتظل جديدة، وفي احد الأيام طلبت منها إحدى صديقاتها ان تعيرها الكنزة، وبما ان تلك الصديقة كانت قريبة منها، لم تستطع رفض طلبها، رغم شعورها بالحسرة والمرارة على حد تعبيرها، وانتظرت أسبوعا كاملا لعل الصديقة تعيد لها الكنزة، إلا أنها لم تفعل، تقول غزلان: «وبمحض الصدفة التقيت أخت صديقتي، وهي بدينة مقارنة بي، ترتدي كنزتي الغالية، فتحسرت أكثر وشعرت بالغبن لأني لم استطع الاحتجاج.
وبعد فترة، ليست بالقصيرة، أعيدت لي الكنزة، وكانت قد فقدت رونقها وأصبحت واسعة لا تناسب مقاسي.
منذ ذلك الحادث أصبحت ارفض فكرة إعارة الملابس من الأساس، حتى وان كانت للضرورة، فمن لم تجد ملابس مناسبة، ترتدي ما يوجد في خزانتها، وتحمد الله».
وقالت آمال (27 عاما)، وهي موظفة بإحدى الإدارات العمومية، إنها في الغالب لا ترفض إعارة ملابسها للصديقات او القريبات، لكن شرط ان تكون متأكدة أن تلك الصديقة ستتعامل معها بحذر وحرص، لأنه سبق وان أعارت قفطانا لابنة أختها فأرجعته ممزقا من الجوانب لأنه كان اصغر من مقاسها.
وتشير إلى انها منذ ذلك الحين، اتخذت هذا القرار ولا تحيد عنه «فرغم أني اعرف أن أي واحدة منا قد تحتاج في بعض الأحيان لاستعارة الملابس، بسبب ظرف من الظروف، كضيق الوقت أو ضائقة مالية وغيرها، إلا ان الأمر يجب ان ينظر إليه من باب الأخذ والعطاء والتآزر وتبادل الخدمات وليس على أساس الاستغلال».
هذه العملية تسببت بإنهاء علاقة صداقة طويلة كانت تجمع مليكة بصديقتها ابنة الجيران. لم تتردد مليكة أبدا في منح صديقتها كل ما تحتاجه من ملابس في المناسبات، وحتى في الأيام العادية، كلما طلبت منها ذلك، لأنها كانت تعتبرها بمثابة أخت لها، وكانت تشفق عليها لأنها كانت لا تزال تدرس ومن أسرة متواضعة ماديا.
طيلة مدة تعارفهما لم تحصل أي مشكلة بينهما، لان صديقتها كانت ترجع لها الملابس نظيفة ومكوية.
ومرت السنوات وتخرجت الصديقة واشتغلت، واشترت لنفسها عدة قطع من الملابس، وفي احد الأيام دقت مليكة باب صديقتها طالبة منها أن تعيرها بذلة جميلة رأتها عندها لكي تلبسها في حفل خطبة أختها الذي تم التحضير له في عجالة، إلا أنها فوجئت كما قالت، بصديقتها تتلكأ في الكلام، وتتحجج بأسباب واهية، تقول مليكة: «صدمت بسبب هذا السلوك الأناني الذي صدر منها، خصوصا أني كنت طوال علاقتنا كريمة معها الى ابعد الحدود. لقد أخذت الأمر بجدية، وقطعت علاقتي بها تماما».
من كل الشهادات، يمكن القول إن معظم النساء يصبن بالحرج عندما تلجأ إليهن صديقة او قريبة لاستعارة زي من أزيائهن، ولا يستطعن رفض طلبها، بالرغم من شعورهن بالضيق، خصوصا إذا كانت الملابس جديدة وغالية، الا أنهن يخفين حقيقة شعورهن ويتظاهرن بعكس ذلك، خوفا من اتهامهن بالأنانية أو البخل، او حرصا على علاقة الصداقة أو تفاديا لحصول أي خلاف عائلي، إلا ان الشعور الحقيقي يبقى غالبا هو الرفض لمبدأ الإعارة والاستعارة، لا سيما أن الملابس تعتبر من الخصوصيات.
فهي، كما قالت العديدات، تعبير عن شخصية صاحبتها ويمكن ان تكون وسيلتها للتميز عن غيرها، وبالتالي فإن استعارة الملابس قد تكون أشبه بتعد شخصي.