أعاني من مشكلة الثقة . من أول يوم كذبت علي نفسي صرت ما أصدق أي شخص ، و بسبب هذا المشكل ما عندي الأصدقاء بالمدرسة صرت وحيدة وكل الناس كلهم يعتبرونني غريبة جدا . لكل زوار مجلة المرأة الكرام شاركونا آرائكم وإستفساراتكم .
رد الأخصائية الإجتماعية :
عزيزتي أنت من الأصل تفقدين ثقتك بنفسك وأنت من كذبت علي نفسك أولاً , وهذا ماجعلك تشعرين بعدم الثقة في الأخرين .
فقبل أن نتكلم عن عدم ثقتك بالأخرين سنتحدث عن عدم ثقتك بنفسك حتي تعود إليك شخصيتك وكرامتك أمام نفسك .
لذلك عليك بإكتساب مهارة تحدي الفشل مع المقدرة علي مواجهة المشاكل والبحث بداخلك عن مصادر القوة، لأن ذلك سيجعلك قادرة علي النجاح وفور تحقيقك للنجاح سيكون
بمقدارك التصدي للمشاكل وبالتالي إكتساب الثقة بالنفس .
أما بالنسبة لعدم ثقتك بالأخرين :
أولاً:
فإنه يعاني كثير من الناس من أزمة في ” الثقة بالآخرين ” ويرجع ذلك إلي أسباب تختلف من شخص لآخر ، ومن أبرز تلك الأسباب : مقابلة كثيرين الإحسان بالإساءة ! والمعاملة السيئة التي قد يكون تعرض لها من أهله أو أقربائه أو القريبين منه ، فينشأ عند الإنسان صراع في داخله ، يؤدي به إلي فقدان الثقة بالآخرين ، إما علي العموم ، أو بالأقارب والأهل ، أو بالأصدقاء .
ثانياً:
ليس من مشكلة إلا ولها حل ، وليس من داء إلا وله دواء ، وبما أنك أختي السائلة تعرفين مشكلتك فلن يكون حل مشكلتك عسيراً ،
وستخلصين نفسك من ذلك الداء الخطير ، والذي يسبب ضيقاً ، وحرجاً ، وعنتاً ، حتي تكون الحياة معك في غاية السهولة واليسر ؛ وذلك لضرورة تعامل المرء مع الآخرين فهو لا يستطيع أن يعيش وحده ، حتي يكون له أهل ، وأصدقاء ، وجيران ، فإذا لم يُحسن التعامل مع تلك المشكلة : سبَّب له ذلك آلاماً ، وحطم له آمالاً .
عزيزتي السائلة هذه بعض ملاحظات ستساعدك بأمر الله في حل مشكلتك :
1. مراسلتكِ لنا تدل علي أنكِ لم تفقدي الثقة في جميع الناس ، وإلا فكيف تطلبين النصح ممن لا تثقين بهم ؟!
2. أنتِ تعلمين أنه يوجد من هو مثلك فاقد للثقة في الآخرين ، فهل تعلمين أنكِ من الآخرين عند هؤلاء ؟! وبما أنك لا تقبلين هذا الحكم الجائر من غيركِ عليكِ : فإن الناس لا يقبلون ـ منك ـ سحب الثقة منهم ، وجعلهم محط إتهامكِ بإضمار الشر ، وعدم محبتهم للخير لكِ .
3. إعلمي أيتها الأخت السائلة أن الناس فيهم المسلم والكافر ، وفيهم العاصي والطائع ، وفيهم العاقل والمجنون ، وفيهم الصالح والطالح ، وفيهم من هو من أهل الشر ، ومن هو من
أهل الخير ، وهذا هو واقع الناس ، ولا يمكن لأحدٍ أن يجادل فيه .
4. حذَّر النبي صلي الله عليه وسلم من تعميم الحكم بفساد الناس ، وهلاكهم ، وأخبر أن صاحب الحكم الجائر هذا هو أولي بالهلاك من الناس ، أو أنه هو الذي أهلكهم ، لا أنهم هالكون في حقيقة الحال .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ : فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ ) .
وهذه النظرة التشاؤمية للناس مفسدة للقلب ، والعقل ، وتجعل صاحبها حبيس الأوهام والخيالات ، تنكد عليه معيشته ، وتجعله دائم القلق ، والأحزان .
5. عزيزتي لا مانع من الإحتراس من الناس ، وما قلناه لا يعني وضع الثقة في كل أحد، والإنسان ليس له إلا ما ظهر من الناس ، فلا هو بالذي يعلم بواطن الناس ، ولا هم يعلمون
باطنه .
وأخيراً : نصيحتي لك – أختي السائلة – أن لا تكتفي برؤية الجانب المظلم من الناس ، فإنه من المستحيل أن لا يكون قد مر عليك في حياتك مواقف لإناس صالحين ، شرفاء ، ناصحين ، فليكن مثل هؤلاء علي بالك حين الحكم علي الناس ، حتي تتوزان عندك الأمور ، وتكوني عادلة في الحكم ، ثم إنك لا تعرفين الناس كلهم فكم في الأرض من أتقياء ، وأنقياء ، وأصفياء ، وصلحاء ، فلا تجعلي معرفتك بقليل من الناس ميزاناً في الحكم علي من لا تعرفين .
وعلي قدر ماتستطيعي تجنبي الخلطة الزائدة مع الناس ، وإجعلي لك ميزاناً عادلاً دقيقاً في إنتقاء صديقاتك ، حتي لا ترجعي باللوم علي نفسك إن قدَّر الله وأساءت إحداهنَّ لك فيما بعد .
ونسأل الله تعالي أن يوفقك لما يحب ويرضي ، وأن ييسر أمرك ، ويهديك سبل الرشاد .