شهدت مدينة قرطاج التونسية مؤخراً إقامة معرض أكاديمية سناء هيشري للفنون الجميلة الذي يُلقي الأضواء بالألوان علي عدد من المواقع التاريخية العربية المُدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
وفي تصريح خاص لـ مجلة المرأة العربية أكدت الفنانة سناء هيشري أن المعرض يهدف إلى ترسيخ ثقافة الحفاظ علي التاريخ والحضارة العربية، والعودة بالزمن الى الماضي في جولة عبر التاريخ لِنُبحر في النّحت و لنرسم مناطق تراثية باستعمال عدة تقنيات أبرزها الفريسكو الحقيقية مع الألوان الزيتية بعد خلطها بمعاجين مختلفة والمعادن بأنواعها.
وافتتح المعرض بحضور الدكتورة ايمان احمد السلامي سفيرة الامارات العربية المتحدة بتونس التي أكدت على الأهمية التي توليها دولة الإمارات لترسيخ قيمة التسامح، كما أن هذا الحفل جاء تقديرا لاسهامات الاديبة و الفنانة التشكيلية سناء هيشري في تأسيس الحركة الفنية في العالم العربي و تأسيس أكاديمية الفنون الجميلة، إضافة لأفكارها القيمة و للابتكارات و الابداعات الفنية و نشر الثقافة و الذائقة البصرية و النتاج الفني من لوحات و كتب ومجلات فنية المتميّزة للدكتورة في الفنون الجميلة سناء هيشري و سعيها و جهودها في خدمة الفن و الثقافة في العالم انطلاقا من بلجيكا و مصر لامستردام و سويسرا ثم الامارات العربية المتحدة و الجمهورية التونسية.
كما أشرفت وزيرة الشؤون الثقافية السيدة أمينة الصرارفي علي هذا المعرض التاريخي الذي يستعرض تنوع الأساليب و التقنيات في رسم التراث العربي لتلاميذ الاستاذة سناء هيشري. وحضر المعرض مجموعة من السفراء والدبلوماسيين.
الأهرام عجائب الدنيا السبع
ويتضمن المعرض لوحات فنية تعكس عمق الحضارة صنّفتها اليونسكو علي قائمة التراث الثقافي العربي، منها لوحة الفنانة ياسمين كسكاس بعنوان : “الأهرام عجائب الدنيا السبع” وهي قطعة فنية فريدة من نوعها تُجسّد أكبر هرم و هو ” هرم الملك خوفو ” من الجيزة إلى دهشور تقوم حول عاصمة مصر القديمة مبانٍ مأتميّة رائعة بقبورها الصخريّة ومصطباتها جميلة الزينة ومعابدها وأهرامها وصنف الأقدمون هذا الموقع بين عجائب الدنيا السبع.
ويوجد في مصر أكثر من مئة هرم قديم، إلا إن أشهرها وأكبرها هي الأهرام الـ3 “خوفو” و”خفرع” و”منقرع”، هرم الملك خوفو بألوان الفنانة ياسمين كسكاس يُعتبر أكبر الأهرام المصرية، وأشهرها وأطولها وأحد عجائب الدنيا السبع، ويقع بمنطقة أهرام الجيزة في مصر المسجلة ضمن مواقع اليونيسكو للتراث العالمي.
ويعد بناء الهرم الأكبر نقلة حضارية كبرى في تاريخ مصر القديم، وقد تأثر خوفو بأبيه الملك سنفرو في بناء هرمه ؛ فبعد موته، أصبح خوفو الإله الحاكم على الأرض، وأصبح من الضروري أن يفكر في بناء مقبرته والتي تعد المشروع القومي الأول في مصر القديمة، الذي اشترك في بنائه عمال محترفون من جميع أنحاء مصر.
و ما يزال الهرم الأكبر بمثابة لغز كبير، لم يبح بكل أسراره بعد، ومن أهم الألغاز التي يسعى العلماء لحلها هو وجود فراغات غامضة، يطلق عليها غرف سرية، أبقت علماء الآثار في حيرة من أمرهم.
جربة تاريخ الحضارات المتعاقبة
كما تضمن المعرض لوحة للفنانة القديرة منية سعيد التي رسمت لوحة بعنوان: “جربة تاريخ الحضارات المتعاقبة” وتقع جزيرة جربة التونسية جنوب غرب البلاد، وهي أكبر جزيرة في شمال أفريقيا، وتبعد حوالي 124 كم غرب تونس، وتتمتع بمناخ البحر الأبيض المتوسط؛ حيث تكون الأجواء حارة وجافة صيفاً، ومعتدلة شتاءً، وتتميز الجزيرة بقراها المغطاة بشجر النخيل، كما تتميّز بالتنوع العرقي والديني الكبير فيها.
وعرفت جربة باسم جزيرة الليتوس زمن الإغريق وقد امكن تحديد موقع إحدى قراها منكس ببرج القنطرة وكان اسم جربة يطلق علي حومة السوق ، تشتهر بصناعة الفخار منذ زمن الرومان، تتميز بطبيعتها الرائعة، وتتضمن عددا كبيرا منحقول الزيتون، كما تضم متحفا خاصا بتاريخ الجزيرة، ويعرض أيضا كيفية عمل الصناعات والحرف اليدوية، إلى جانب المراسم والتقاليد الخاصة بالزواج في جربة.
قصبة تطوان – الحمامة البيضاء
كما قدمت الفنانة إيمان ونيّس لوحة فنية بعنوان: قصبة تطوان “الحمامة البيضاء” ويسود جو رائع في تطوان. وهي “ابنة غرناطة”، مدينة ذات هندسة معمارية إسبانية مغاربية. كما أنها مدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
عرفت مدينة تطوان أهمية كبرى في التاريخ المغربي والحضارة الإسلامية ككل، حيث كانت تمثل ابتداء من القرن الثامن عشر منعطفا رئيسيا بين المغرب والأندلس. بعد سقوط الأندلس بيد القشتاليين، أعيد بناؤها من طرف المغاربة الذين طردوا من الأندلس. وهذا ما جعل الجمالية المغربية تتمازج بين التأثيرات الأندلسية والطابع الأصيل في الهندسة المعمارية والفنون بصفة عامة.
و قد أُعطيت تطوان أهميةً خاصةً في خلال الحقبة الاسلاميّة ابتداءً من القرن الثامن بصفتها صلة وصل مهمة بين المغرب والاندلس. ثم بعد استعادتها مجددًا، أعاد اللاجئون العائدون إلى المنطقة بناءها بعد ان طردهم الاسبان، ممّا كان جليًّا في الهندسة المعماريّة والفن اللّذَيْن يشهدان على التأثيرات الاندلسية الواضحة. تُعتبر تطوان من أصغر المدن المغربية، ولكن، من دون شك، هي الأكثر كمالاً حيث معظم الابنية بقيت بعيدةً عن التأثيرات الخارجية.
كما صنفت تطوان كمدينة مبدعة، من قبل شبكة المدن المبدعة، التابعة لمنظمة اليونسكو العالمية، في مجال الصناعة التقليدية والفنون الشعبية.
بعلبك الأسطورة الأثرية
كما شاركت الفنانة سارة بودن بلوحة فنية بعنوان: “بعلبك الأسطورة الأثرية” وتعتبر مدينة بعلبك من أهم المدن التاريخية والسياحية في لبنان وفي الشرق.
و قد عُرفت قديما بأنها نقطة التقاء القوافل القادمة من روما والأناضول وسوريا نحو فلسطين وساحل البحر الأبيض المتوسط.
كانت فيها محطة قطار تصلها بأوروبا مرورا بحمص وحلب، كما وصلتها بالشام وبغداد وصولا إلى الحجاز.
تقع مدينة بعلبك شمال سهل البقاع وشرق نهر الليطاني، تحيط بها سلسلة جبال لبنان الغربية والشرقية.
و قد سميت المدينة من قبل الكنعانيين الفينقيين قبل آلاف السنين، كما ذكر تسميتها في التوراة بإسم (بعلبق)، حيث تحتوي على العديد من الأماكن التاريخية، كقلعة بعلبك التي تضم أهم المعابد الرومانية والأعمدة التي بناها الرومان، كما يوجد فيها آثار إسلامية تعود إلى العصر الأموي كمسجد ومقام السيدة خولة بنت الإمام الحسين، إضافةً إلى وجود بعض المنازل العثمانية.
روح القدس
كذلك شاركت الفنانة آمنة بن إبراهيم بلوحة فنية بعنوان: “روح القدس” وتمثل هذه اللوحة مدينة القدس، حيث تلتقي جمال المدينة بتاريخها المأساوي وأهميتها في السياق الحالي. من خلال استخدام تقنيات النحت البارز، أردت أن أضفي حياة على كل تفصيل، مما خلق نسيجًا غنيًا يدعو المشاهد للشعور بعمق العمل. العناصر ثلاثية الأبعاد ترمز إلى طبقات الثقافات والتاريخ التي تتداخل في القدس، وتبرز معاناة وصمود شعبها.
الدرعية التاريخية نفحة الماضي العتيق بروح الحاضر المشرق
وشاركت الفنانة الكبيرة دلندة دريرة بلوحة بعنوان: الدرعية التاريخية نفحة الماضي العتيق بروح الحاضر المشرق،
تقع الدرعية التاريخية على ضفاف وادي حنيفة على بعد 20 كلم من مدينة الرياض وتحديدًا في الشمال الغربي لها، يعود تاريخ الدرعية لعهد الإمام:محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى حين أرسى بها قواعد الحكم على الأساس القويم والحكم العادل.
تضم الدرعية التاريخية العديد من الآثار المميزة والقصور التاريخية المبنية وفق نمط العمارة النجدي والذي يعود تاريخه إلى أكثر من 300 عام.
آثار هيلي عبقرية المعمار و عراقة حضارة الإمارات
وشاركت الفنانة الفة بنعودة بلوحة فنية بعنوان: آثار هيلي عبقرية المعمار و عراقة حضارة الامارات العربية، تحوي منطقة العين في إمارة أبو ظبي سلسلة من المواقع الأثرية، أشهرها تلك التي تقع في واحة هيلي.
اذ انها تشهد على إقامة الإنسان في هذا المكان الصحراوي بشكل دائم منذ العصر الحجري الحديث مع وجود آثار ثقافية لفترة ما قبل التاريخ الجلي. وثمة آثار مرموقة منها قبور من الحجارة الدائرية ( 2500 سنة قبل الميلاد)، وهناك آبار ومجموعة كبيرة من الأبنية من الطوب الطيني: المباني السكنية، الأبراج، القصور والمباني الحكومية. من جهة أخرى، هيلي، وتقع منطقة العين على سهل رسوبي خصب، تَحُدُّه من جهة الغرب صحراء الربع الخالي الشاسعة، ومن جهة الشرق سلسلة جبال الحجر التي تغطي جزءاً كبيراً من شمال سلطنة عُمان. تقع واحة هيلي شمال هذه المنطقة السهلية، وتضم عدداً كبيراً من المستوطنات والأبراج والمدافن.
قلعة البحرين
كذلك شاركت الفنانة الفة بنعودة بلوحة فنية بعنوان: “قلعة البحرين”.. لوحه فنيه تروي تاريخ البشرية في خمسة عصور، “قلعة البحرين”.. أو ما كان يُطلق عليها بقلعة “دلمون”، إنها طراز مختلف عن كل الطرز المعمارية للحصون التي أُنشئت في العصور الوسطي، اذ انها تعتبر أحد المواقع النادرة التي تتضمن طبقات أثرية متراكمة يعود تاريخها إلى أواخر العصر البرونزي في منطقة الخليج العربي هي نسبة إلي حضارة عظيمة قامت في جزيرة البحرين وشرق الجزيرة العربية، وهي منطقة عرفها السومريين بأرض الفردوس، اكتُشفت في خمسينيات القرن الماضي.
الفنانة سناء هيشري
وأشارت الفنانة سناء هيشري في تصريحها لمجلة المرأة العربية أن المواد المستخدمة تضيف بُعدًا لمسيًا للعمل، مما يتيح للمشاهد التفاعل جسديًا مع اللوحة.
وأضافت أن التباينات بين المناطق الناعمة والخشنة تعكس تباينات الحياة في القدس، بين الأمل واليأس.
كما أن الألوان الترابية والظلال الداكنة تمثل ثقل الألم الذي يعاني منه السكان، خاصة في ظل الوضع الحالي للجرائم المرتكبة في غزة، حيث يتم تجاهل الإنسانية والكرامة بشكل متكرر.
وهذا الموضوع له أهمية حيوية، حيث يشهد على النضال المستمر من أجل العدالة والسلام. من خلال تسليط الضوء على الحقائق التي يعيشها الفلسطينيون، يطمح هذا العمل إلى إيقاظ الوعي وإثارة تفكير عميق حول ضرورة التضامن والرحمة في عالم حيث تُختنق الكثير من الأصوات.
والفن، كوسيلة للتعبير، يمتلك القدرة على تجاوز الحدود وجمع الناس في إنسانيتهم المشتركة. من خلال هذه اللوحة، آمل أن أذكر بأهمية الدفاع عن الحياة وكرامة البشر، وخاصة أولئك الذين يعانون في صمت.
كما أكدت الفنانة سناء هيشري أنها أرادت نقل خبرتها و مُشاركة تلاميذها لترسيخ ثقافة الحفاظ علي التاريخ و الحضارة العربية و العودة بالزمن الى الماضي لرسم مناطق تراثية باستعمال عدة تقنيات لعلّ ابرزها الفريسكو الحقيقية مع الالوان الزيتية بعد خلطها بمعاجين مختلفة و المعادن بأنواعها.
وأوضحت أن ما يهمّنا هنا هو أن نفهم من خلال مشاهدة اللوحات الفنية كيف و لماذا اختزلت سناء هيشري الرسم إلي لون واحد لتجديد ممارستها الفنية !
وتقول سناء: صمتًا في الالوان … لسرد التّاريخ تجربة فريدة تنقل المشاهد من الحاضر الى الماضي العريق ، هي مقدّمة لقصّة علي وشك أن تبدأ … إنّها نشأة و إشراقة شئ مُميّز
وتضيف: إن وجود لونين او اكثر في نفس اللوحة سوف يكون بمثابة تكرار و تنافس،
و لا سيما اللعب علي مخطط لون واحد في الرسم سوف يسمح لي بالتعبير عن رسالة قويّة بصريًّا و بذلك انشاء استمرارية بصرية و وحدة بين جميع اللوحات و بالتالي وحدة الحضارة العربية و تراثها العريق فكان فارس الألوان، الذي لعب دور البطولة في تصميم و رسم المناطق الأثرية العربية “البنّي” الذي لا وجود له علي عجلة الالوان التقليدية و لا يشكل لونا أساسيًا أو ثانويا و لا حتي ثالثيا .. هو مشتق من اللون البرتقالي، و هو رمز الاستقرار والصفاء لون حقيقي يرتبط ارتباطًا وثيقا بالأرض و هو لون التراب ، أحد الالوان الحارة والذي يتكون من خلال الجمع بين الأحمر و الأصفر و الوردي و القليل من الاسود
كانت خطوة مُهمّة و حكمة و تجرّأ مني في اختيار هذا اللون ،و توظيفه في رسم اللوحات الفنية..
وفيما يأتي يسر مجلة المرأة العربية أن تنشر مجموعة من اللوحات المشاركة في المعرض:
