تحت عنوان «لأني أحبكم أغني نزار قباني»، حلّ الفنان العراقي كاظم الساهر ضيفاً فوق العادة على بيروت الأسبوع الفائت، حيث احتفل مع اللبنانيين بعيد العشاق، فقدم مجموعة كبيرة من أغانيه القديمة والجديدة، وذلك على خشبة مسرح «فوروم بيروت».
«الأسبوعية» التقت كاظم خلال البروفات التي سبقت الحفل، فحكى عن حبّه للمرأة، وتوقف عند حبّه الأبقى للشعب العراقي.
■ هل أستطيع أن أطلق عليك لقب «مطرب الرومانسية من دون منازع» خصوصاً وأنك تختار قصائد مميزة لنزار قباني وكريم العراقي و…؟
– تعلّقت بقصائد نزار قباني منذ صغري، ولشدة ما تأثرت بأسلوبه الشعري كانت لي محاولات شعرية في الثالثة عشرة من عمري، ولا أزال أنظم الشعر العاطفي عندما أشتاق إلى الحب. لا شيء أجمل من لغة الحب لأنّ أغاني الغرام تسعد الطرفين، ونحن نحتاج في هذا الزمن إلى هذه النوعية الجميلة من الأغاني لنبتعد قليلاً عن أجواء الحزن والأهوال، عسى أن يحفظ ربّي شبابنا العربي من كل سوء.
■ هل نزار من علّمك الحبّ؟
الحب إحساس يتعلّمه المرء منذ الصغر في بيته فيتعلق أولاً بمن يحبونه وبالأشياء الجميلة التي من حوله. وكانت أمي رحمها الله تعلمني كيف أكون انساناً، فزرعت في قلبي بذور الحب، ثمّ اكتشفت نزار قباني الذي أضاء لي مفهوماً مختلفاً عن الحب الجميل والموجه إلى المرأة.
■ هل صحيح أنّ نزار سلّمك وصيّة سرية قبل وفاته؟
– لا، ما من وصية سرية أبداً، لكنّ الرجل رحمه الله كان يحبني كثيراً، وقد عبّر عن تقديره الشديد لي من خلال مقابلة خاصة أجريت معه على مدار ساعتين ما زلت محتفظاً بها في أرشيفي بكل فخر.
■ هل أنت عاشق بقدر ما يبدو عليك، أم أنك تغني فقط الحبّ للعاشقين؟
– لا يمكنني أن أعيش من دون حبّ يحرّك في داخلي أحاسيس كثيرة وجميلة، ويدفعني إلى العطاء بشكل أجمل وأرقى. وعندما يقع الخصام أحلّق بعيداً في خيالي وأبحث عن شبابيك أخرى لأخرج منها إلى فضاءات مريحة، مثل التلحين، والرسم، وكتابة الشعر، والنحت.
■ متى ظهرت ميولك إلى النحت؟
– تعلمت فنّ النحت قبل سنوات وأزاوله كهواية. إنه وسيلة أجسد من خلالها مشاعري إزاء الحبيبة عندما نكون متخاصمين.
■ هل يحلو لك في هذه الحالة رسم وجه الحبيبة أو الحزن الذي سبّبته لك؟
– أرسم دائماً زعلي، وأهوى رسم العيون…
■ ما لون عينيّ حبيبتك؟
– كلّ الألوان في عينيها… وكذلك كل الجمال، وكل الرقة، وكل الحنان والأنوثة.
■ هل حبيبة كاظم امرأة محظوظة أو مهمومة؟
– لا ليست مهمومة بالتأكيد، لأنني أملأ لها البيت حباً. أنا عاطفي بطبيعتي، وحنون جداَ، وأعطي الكثير. ومشكلتي الكبرى أنني أدلّع الحبيبة بشكل لا يوصف… لكن عندما لا تدلعني «خلاص» أزعل! (يضحك).
■ تزعل وترحل؟
– أبداً، لا يمكن أن أنهي علاقة حبّ بهذه السهولة. أحاول بدلاً من ذلك أن أعلّمها كيف تدلّعني! (يضحك)…
■ يلومك الشباب العربي على استمرارك في الغناء في ظل الأوضاع المتردية. ترى بم تبرّر إحياءك الحفلات؟
– أنا فنان يعيش من حفلاته، وقد خفضت عددها كثيراً حالياً بسبب الأوضاع العربية. وصدقيني أنّ نفسيتي متأذية جداً من الأحداث الموجعة. حتى وأنا على المسرح أغني، يشرد بالي إلى شبابنا العربي الذي يستشهد يومياً في سبيل ما يؤمن به. أتمنى أن أغمض عيناً وأفتح أخرى فأرى المحبة والسلام يسودان العالم العربي، والاستقرار يعمّ كلّ مكان، والشباب ينالون فرصهم ويعيشون بكرامة.
■ ماذا تقول للعراقيين الذين يتشوقون لمشاهدتك في الحفلات؟
– ماذا تراني أقول لأهلي وإخواني في العراق الذين أحمل همومهم في قلبي وصوتي؟ ما شهده العراق لا يمكن وصفه بكلمات لأن مآسيه وأهواله أكبر بكثير من الحروف. ومعاناة الشعب العراقي حتى اليوم لا تشبه معاناة أي شعب آخر في العالم. لكن رغم الحروب والدمار والحصار والتفجيرات، أحبّ أن أتحدث عن ثقافة الشعب العراقي وحبّه للإبداع والعلم الأدب والمعرفة، ما يعني أنه شعب موهوب ومقاوم، لذلك لا أخشى عليه من الغد.
■ العراقيون اختاروك سابقاً في استفتاء شعبي رئيساً للجمهورية، هل تجد أنّ الفنان قد ينجح حيث يفشل بعض السياسيين؟
– لقد توجهت بالشكر الكبير إلى الشعب العراقي يوم رشحني للمنصب الرئاسي، لكني سأفشل بالتأكيد في القيادة. ولا شك في أنّ السياسي أكفأ من الفنان وأكثر خبرة منه نظراً إلى الحنكة التي يتمتع بها. أما أنا فعاطفي جداً وحساس مثل جميع الفنانين، ولا أصلح بالتالي للتعاطي مع أمور البلاد حيث التخطيط للمستقبل والنظرة الثاقبة مطلوبان للنجاح في هذه المسؤولية.
■ بم تعد جمهورك العربي؟
– منهمك حالياً في قراءة دواوين الشعراء العرب للبحث عن قصيدة تحكي عن الوطن والانسان والحرية في العالم العربي، وذلك من وحي أجواء الربيع العربي في المنطقة.
■ هل يمكن أن تختار قصيدة للراحل محمود درويش؟
– أتمنى ذلك، لأنّني حين التقيت هذا الشاعر العظيم في الطائرة مصادفة قبل رحيله، دعاني إلى قراءة ديوانه الأخير، لكنه كان يحمل قصائد عاطفية لا وطنية.
■ إلى متى التأخير في إطلاق ملحمة جلجامش الموسيقية؟
– لقد أنجزت الملحمة لحناً وكلمات وبدأت التسجيل في الستوديو مع فرقة أوركسترالية عالمية، وكان من المتوقع أن تبصر هذه الملحمة النور في العام الفائت، غير أنّ الظروف في المنطقة لا تشجع على إطلاق مثل هذه الأعمال الضخمة والمكلفة حالياً.
■ بم توقع لقاءنا؟
– بالي في العراق، وعقلي مع الأحداث العربية، وقلبي على مستقبلنا العربي…
14 للعراق
يشكّل كاظم الساهر علامة فارقة في الطرب والتلحين، فهذا الفنان العراقي المولود في الموصل في العام 1957 استطاع أن يجمع في جعبته منذ بداية الثمانينيات حتى اليوم، 14 ألبوماً غنائياً من ألحانه الخاصة، هي:
– شجرة الزيتون: 1984
– غزال: 1989
– لا يا صديقي: 1990
– العزيز: 1991
– افرح: 1992
– بانت ألاعيبك: 1993
– سلامتك من الآه: 1994
– بعد الحبّ: 1995
– صعب عليّا: 1996
– اغسلي بالبرد: 1996
– مدرسة الحب: 1997
– أنا وليلى: 1998
– حبيبتي والمطر: 1999
– الحب المستحيل: 2000
– أبحث عنك: 2001
– قصة حبيبتي: 2002
– حافية القدمين: 2003
– ملّينا البعد: 2004
– الى تلميذة: 2004
– انتهى المشوار: 2005
– يوميات رجل مهزوم: 2007
– صور: 2008
– الرسم بالكلمات: 2009
– لا تزيديه لوعة: 2011
الى جانب الأغاني الرومانسية والعاطفية التي اختار معظمها من دواوين نزار قباني، أو كتبها له كريم العراقي وأسعد العزيري، ترك كاظم الساهر مجموعة كبيرة من الأغاني الوطنية والقومية، والتي بلغ عددها التقريبي 30 أغنية، وقد خصّ وطنه العراق بـ14 أغنية من ألحانه.