نوم الطفل:
الاحتياجات الأساسية للطفل لا تتمثل فى الطعام فقط وإنما فى الراحة أيضاً، والنوم أحد أشكال الراحة المتعددة وهى لا تقل عن الطعام فى تأثيرها على نمو الطفل.
وبوجه عام نجد أن الطفل حديث الولادة يحتاج إلى النوم لفترات طويلة من الزمن تقل كلما تقدم العمر به، فالطفل ينام معظم الوقت ويستيقظ من أجل تناول طعامه من اللبن أو من أجل استحمامه وتغيير الحفاضات فهو ينام ليلاً ونهاراً ويستمر فى ذلك مدة الثلاثة أشهر الأولى من ولادته، ويختلف الأمر قليلاً بعد انقضاء هذه الفترة لتزيد عدد ساعات استيقاظه نهاراً.
المزيد عن الرضاعة الطبيعية والببرونة ..
النوم عند الطفل – نوم الطفل.
– النوم عند الطفل الصغير.
– النوم عند الطفل الكبير.
– صعوبات تتصل بالنوم.
والطفل فى طور النمو يحتاج إلى نوم أكثر مما يحتاج إليه الشخص البالغ، وهذا ينطبق على الطعام أيضا إذ ينبغي أن ينال الطفل نسبة من الطعام تفوق نسبة ما يتناوله الشخص الكبير من أجل الحصول على الوقود الكافي للحركة والنشاط وكذلك النمو.
وبما أن الاختلافات الفردية موجودة بين الطفل والآخر، فسوف نجد اختلافاً كبيراً فى عادات النوم بالمثل، والأطفال التي تذهب إلى الفراش فى وقت متأخر لا يعوضون الوقت الذي يفقدونه بالنوم إلى ساعة متأخرة من الصباح .. لذا لابد من تعديل العادات المتصلة بنوم الطفل وأن نضعه فى الفراش فى موعد مبكر حتى ينال القسط الوافر من الراحة.
ينتاب الكثير من الآباء القلق لأن أطفالهم لا ينامون إلا بعد وقت طويل من ذهابهم إلى الفراش، وهم يتوقعون من أطفالهم الاستسلام للنوم بمجرد وضعهم فى الفراش، وهنا كانت الضرورة لإجراء دراسة بشأن معرفة الفترة التي يستغرقها الطفل حتى ينغمس فى النوم والتي توصلت إلى أن الطفل العادي لا ينام إلا بعد مرور 20 دقيقة، والآباء يرغبون فى نوم الطفل بمجرد أن يلمس جسده الفراش وهذا خطأ يقع فيه الآباء .. فالطفل يستغرق بعض الوقت حتى يهدأ لكى ينام وخاصة إذا كان يلعب لعباً عنيفاً أو منهمكاً فى عمل يتطلب نشاط وحركة قبل ذهابه للفراش.
* الظروف الملائمة لنوم الطفل الصغير:
النوم عند الطفل الصغيرالنوم له عاداته والعوامل المساعدة على تحقيقه، فالطفل من أجل أن ينام نوماً عميقاً لابد من تهيئة الظروف من حوله لأن العادة تكتسب بالتدريب، والطفل تقل قدرته على النوم إذا لم تتوافر له الظروف المواتية.
هناك البعض سواء أكان الشخص طفلاً أم شخصاً بالغاً ليسوا بوسعهم النوم إلا إذا تم تهيئة ظروف معينة لهم، والشيء الذي لا يدركونه أن هذا حدث نتيجة للاعتياد عليه فى سن مبكرة وليس لطبيعة شخصيتهم أو لتكوينهم. كما أن الطفل الذي اعتاد أن ينام على صوت الضوضاء أو ذلك الذي يذهب إلى فراشه وفى يده دمية فلن ينام إلا توافرت له هذه الضوضاء (المزيد عن التلوث السمعي) وإذا أمسك الدمية فى يديه وقام باحتضانها .. وعلى الجانب الآخر، إذا كان النوم فى ساعات محددة أمرا له أهميته إلا أن التفاصيل الدقيقة المرتبطة بعادات النوم لا ينبغي أن تصبح نظاماً يجب إتباعه بدقة بالغة.
الابتعاد عن المؤثرات
وتبدأ أولى الخطوات النوم الصحي للطفل بإبعاده عن المؤثرات والانفعالات الحادة المحيطة (وهذا للشخص الكبير البالغ أيضاً) لكى نمهد لجسد الطفل القدرة على استعادة ما فقده من طاقة ونشاط، وذلك بتركه أن يجلس على الفراش فى حالة هدوء واسترخاء مع جعل الغرفة مظلمة إلى حد كبير. كما أن ذهاب الطفل مبكراً للفراش يجعله ينام أطول فترة ممكنة لأن ضوء النهار وأصوات أفراد العائلة صباحاً تكون بمثابة المنبه القوى الذي يعمل على يقظته فى ساعة مبكرة من النهار مما يجعل من المستحيل امتداد راحته فى هذا الوقت.
أما الطفل عندما ينتقل إلى مرحلة المدرسة أو مرحلة الحضانة نجد صعوبات فى النوم من نوع آخر حرمانه من النوم أثناء النهار، لذا لابد وأن يعوضه بالنوم الطويل ليلاً لتجنب الإجهاد العصبي الذي ينشأ بسبب حرمانه من النوم النهاري.
الفراش الملائم
الغرفة والفراش الملائمان لنوم الطفل، ينبغي أن ينام الطفل فى فراش مستقل إذا أمكن ذلك، أما الفراش نفسه الذي ينام عليه الطفل لابد وأن يكون مرتباً ونظيفاً، الأغطية متوافرة إذا شعر الطفل بالبرودة ليلاً لابد وأن تكون خفيفة حتى يستطيع الطفل التنفس بسهولة، الملاءات نظيفة، أما الحجرة نفسها يجب أن تكون متجددة الهواء غير مغلقة لأن الطفل يشعر بالضجر فى الغرفة التي حرارتها عالية كما أنه من المعروف أن الجسم يتخلص من بعض السموم أثناء النوم التي تتولد نتيجة للإجهاد، ونوم الطفل فى غرفة غير متجددة الهواء لا يسمح بتخلص جسده من مثل هذه السموم. أى أن نوع النوم يتساوى فى الأهمية مع مقداره لتحقق سلامة الفرد.
النوم المبكر
تكرار ضرورة نوم الطفل فى ساعة مبكرة من الليل وليست متأخرة، هى لأسباب متصلة بتحقيق صحة الطفل ونموه السليم. فالليل هو وقت الراحة المخصص لأجسامنا، وكما سبق وأن أشرنا أن الطفل لا ينام بمجرد وضعه فى الفراش لكنه يستغرق (20) دقيقة حتى تمام انغماسه فى النوم، وما يدعو إلى راحة الطفل واسترخائه يختلف تماماً عن الأشياء التي تدعو إلى راحة الكبار، فنجد أن الموسيقى والضحك (المزيد عن الضحك) من عوامل الترفيه عند الكبار لكنها بمثابة المنبه للصغار على الجانب الآخر .. وكلما غابت الوسائل الباعثة على استرخائه مثل الهدوء كلما طالت مدة استيقاظه فى الفراش ووجود صعوبة للانغماس فيه حيث يمتد الأرق (المزيد عن الأرق) إلى ساعة أو ساعتين مما يعرضه لمزيد من الضجر لطول مدة ملازمته للفراش، لابد وأن نبحث أيضاً عن الأسباب الأخرى المحتملة التي تؤدى إلى عدم سرعة انغماس الطفل فى نومه هل هو جائعاً؟ هل نام أكثر من اللازم فى وقت الظهيرة؟ وغيها من المؤثرات التي تنتج عنها السلوكيات غير المرغوب فيها.
لكن لا مانع من أن يظل الطفل مستيقظاً لفترة متأخرة من الليل فى حالة المناسبات بشرط أن يكون ذلك فى فترات محدودة وعلى فترات متباعدة لأن السماح بمخالفة النظام (للضرورة القصوى) يدعو إلى إعادة ترميمه والذي يمثل صعوبة بالغة على الآباء تكون كافية بألا لا تدفعهم على مخالفته.
كما أن ارتباط نوم الصغار بنوم الكبار هذا معناه النوم الرديء الذي يعانى منه الطفل وتؤثر على سعادته المستقبلية.
الترغيب وليس الترهيب
الترغيب فى النوم من إحدى الوسائل المعاونة على تدريب الطفل عليه فى أوقات منتظمة. فإذا ربط الطفل بين نومه وبين الحصول على شىء محبب له من سماع القصص فسوف يتلهف إلى الذهاب إلى فراشه من أجل سماعها.
لابد من الاستحواذ على اهتمام الطفل قبل أن نصدر له الأوامر وإلا فقد كل اهتمام بأوامرنا، أما إذا سمح له بفترة معينة ولتكن خمس دقائق لكى يفرغ من لعبه أو ينتهي من سرد قصته لأخيه الأكبر فإن ذلك لن يشعره بأن مطالبته بالذهاب إلى فراشه أمرا ثقيلاً أو جوراً على حقوقه بالاستمتاع بوقته.
إذا كان هناك طفلان يناما فى الحجرة الواحدة يجب أن يتم الفصل بينهما فى ميعاد النوم، بحيث ينام واحد قبل الآخر لأن وجود أكثر من طفل فى نفس الحجرة وقت النوم يعطى الفرصة للكلام والإغراء بممارسة اللعب من جديد، والطفل الذي يحترم مواعيد خلوده للفراش يحترم المواعيد بعد ذلك فى كافة تفاصيل حياته.
موعد الاستيقاظ
موعد الاستيقاظ يلعب دوراً فى نمو الطفل الصحي لا يقل أهمية عن النوم، والاستيقاظ من العادات المرتبطة بالنوم. صحيح أنه لا ينبغي إزعاج الطفل النائم فى الصباح بإيقاظه، إلا أنه صحيح أيضاً إذا كان الطفل قد ذهب إلى فراشه فى وقت مبكر من الليل فإنه يستيقظ فى وقت مبكر من الصباح وذلك لعدة فوائد من بينها: أنها لا تجعل المدة بين وجبتي الإفطار والغذاء قصيراً كما أن الأطفال الذين يسمح لهم بالنوم فى وقت غير محدد ليلاً لا يشعرون بأي رغبة فى تناول وجبة الإفطار مهما طال نومهم.
المزيد عن أهمية تناول وجبة الإفطار ..
نوم النهار (القيلولة)
النوم عند الطفلأما نوم النهار، ينام الطفل عدة مرات أثناء النهار فى العام الأول من عمره، حتى يبلغ الشهر السادس يكون مجموع فترات نومه فى النهار خمس ساعات ثم ينقص إلى ثلاث ساعات بين الشهرين السادس والثاني عشر ثم يتناقص ليصل إلى ساعة واحدة بين العامين الثالث والخامس.
والآباء لا ينبغي عليهم إجبار الطفل للنوم بإبقائه فى الفراش مدة ساعة أو ما يزيد على الساعة إذا لم يرغب فى ذلك، وعلى الآباء عدم الإصرار بل الإصرار على أن يقضى هذه الساعة فى الفراش للراحة والاسترخاء لأنه ليس من المحتم أن ينام فى هذه الفترة.
تجنب نوم الطفل لأوقات طويلة على مدار النهار لأنه سيظل مستيقظاً لساعات متأخرة من الليل، وعلى الأم إيقاظ طفلها والاستعانة بالحكمة واللين عند إيقاظه حتى لا يغضب إذا أوقظ فجأة.
ينبغي أن تربط الأم النوم بعادات أخرى حتى يتحقق بسهولة، مثل: بعد تناول وجبة الغذاء لأن الراحة تساعد على الهضم فى حين أن اللعب يعمل على إثارة انفعالات الطفل مما يؤثر على عملية الهضم لديه.
من أجل أن ينشأ الطفل محباً للنظام المرتبط بميعاد نومه وخلوده للفراش يجب أن تكون كلمة “فراش” عندما يسمعها تبعث على الشعور بالرضاء والسرور، فهناك الكثير من الأطفال التي توضع فى فراشها عقاباً لها لارتكاب بعض الأفعال الخاطئة مما يجعلهم يضيقوا به ذرعاً.. إذا لزم الطفل العادة “العادة المحببة إليه” فلن يضيق بممارستها وتصبح فترة الراحة مسألة مألوفة لديه.
المزيد عن نوم القيلولة ..
* صعوبات تتصل بالنوم:
إذا استطاع الأب والأم وضع خطة منظمة للعادات المرتبطة بنوم أطفالهم، فهذا لا يعنى خروج هذه الخطة عن المألوف فى بضع الأوقات وذلك لأسباب متعددة من بين هذه الأسباب:
1- عدم المثابرة والحزم من جانب الآباء فى تنفيذ هذه الخطة، فالطفل يتعلم بالتلقين المتكرر. فلا ينبغي أن ينتاب الأب والأم الملل من تكرار ما يرغبون فيه من إتباع أطفالهم للعادات الحميدة.
2- إغفال الآباء الأسباب الجسمانية التي تؤدى إلى عدم نوم الطفل بشكل صحي مثل صعوبات الهضم أو عدم تناول الطفل للقدر الكافي من طعامه، أو قد تكون هناك علة مرضية يعانى منها مثل التهاب اللوزتين أو عدم قدرته على التنفس بشكل سلس .. كل هذه العوامل تساهم فى سوء نوم الطفل.
المزيد عن التهاب اللوزتين ..
3- بلل الفراش، الطفل فى مراحل عمره المبكرة ما زال فى حاجة إلى أن يعتاد على نظام معين فى الطعام وفى النوم بل وفى عادات الإخراج والتبول. إذا لم يدرب الطفل ليلاً على دخول دورة المياه قبل الخلود للفراش ثم إيقاظه فى منتصف الليل فسوف يتبول وهو نائماً الأمر الذي يوقظه ويجعل نومه غير مستقراً، فالبلل يجعله فى حالة عدم راحة واسترخاء.
المزيد عن تدريب الطفل على عادات الإخراج والتبول ..
4- الجوع يجعل الطفل فى حالة عدم استقرار فى النوم أو الاستيقاظ مبكراً عن مواعيده. لابد من ضمان تناول الطفل لطعامه بالقدر الذي يكفيه قبل ذهابه للفراش، وعند استيقاظه صباحاً لابد وأن تكون هناك وجبة خفيفة يتناولها لتمكنه من الهدوء والاسترخاء فى فراشه وعدم إزعاج الآخرين من أفراد العائلة فى المنزل (إعداد الكتب واللعب المسلية بجوار الفراش تمكنه من الهدوء والسكينة فى مكانه أيضاً).
5- تشجيع الطفل على بقاء فترة أطول فى الفراش من أجل الاستغراق فى النوم مرة أخرى وعدم التسرع فى مغادرته إياه (على الرغم من أن البقاء فى الفراش لفترة طويلة بعد الاستيقاظ عادة لا يجب تنميتها عند الطفل لأنها تساعد على أحلام اليقظة أو يكون هناك مجالاً أمامهم للعبث بأعضائهم التناسلية).
6النوم عند الطفل- حديث الآباء السلبي أمام أطفالهم السبب وراء كثير من العادات غير الحميدة التي يكتسبونها، ومن أنماطه المداومة على الحديث عن صعوبات النوم التي يواجهها الآباء والرغبة فى توطيد عادات نوم صحية لأبنائهم .. تحفز الطفل على ألا ينام، كما أن الطفل الصغير إذا سمع الكبار أو الطفل الكبير يحكون عن سوء نومهم يولد بداخلهم شعور سيء من جهة النوم أى أن الحديث السلبي بمثابة العدوى التي تسرى إلى الطفل الصغير ممن يحيطون به، وخير الأمثلة على ذلك خوف الأطفال من الظلام فالطفل لا يعي معنى الظلام وهو فى سن صغيرة فكلام الآخرين عن ظهور الأشباح فى الحجرة المظلمة من أجل أن يكف الطفل عن البكاء أو لإجباره على الالتزام بالتعليمات يجعله يخاف منه ويتعذر القضاء على هذا الخوف فى المستقبل. لكن إذا قام الكبار بإعطاء صورة محببة عن طبيعة الظلام بأنه فترة هامة للراحة والنوم فلن يخاف الطفل مطلقاً منه فيما بعد.
الطفل والخوف من الظلام ..
المزيد عن أسباب بكاء الطفل ..
* النوم عند الأطفال الكبار:
النوم عند الأطفال الكبارالظروف قد تكون مواتية لوضع الخطط للطفل الصغير فهناك خطة لنومه وأخرى لطعامه، وثالثة للعبه .. الخ لكن سرعان ما تتقلص هذه الخطط لتزايد أنشطة الطفل، فأصبح الآن طالب فى المدرسة لابد وأن يقسم وقته بين الذهاب إلى المدرسة ثم الاستذكار واللعب .. أى أنه يريد أن يمارس النشاط والحركة بجانب مسئولياته التي أضيفت إليه.
وهناك مؤشر هام يدلنا على تناول الطفل القسط الوافر من الراحة “استيقاظه بمفرده فى الصباح” وإذا لم يفعل ذلك فهذا معناه الافتقار إلى النوم وأنه لم يتناول كفايته منه.
فإذا كان الطفل بحاجة إلى فترة نوم أطول عليه بتقديم موعد نومه مساءً حتى يستطيع الاستيقاظ من تلقاء نفسه نهاراً، وأن يستمر الآباء فى هذه الخطة أسبوعين حتى يتعود الطفل على النوم مبكراً.
فأسلوب الحياة المتبع مع الطفل لا يجنى الآباء ثماره على المدى القريب وإنما بطول المدة، فغياب النظام لا ينتج عنه ضرراً سريعاً واضحاً، والطفل لابد من تزويده باحتياطي من الطاقة والنشاط لكى تقيه من الأمراض والإجهاد والإعياء.